لأوابد المعاني في هيئة المأنوس فأيُّ دعوةٍ أولى منه بالاستجابة والقَبول ﴿ الحسنى ﴾ أي المثوبةُ الحسنى وهي الجنة ﴿ والذين لَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُ ﴾ وعاندوا الحقَّ الجليَّ ﴿ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَّا فِى الأرض ﴾ من أصناف الأموال ﴿ جَمِيعاً ﴾ بحيث لم يشِذَّ منه شاذٌّ في أقطارها أو مجموعاً غيرَ متفرقٍ بحسب الأزمان ﴿ وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْاْ بِهِ ﴾ أي بما في الأرض ومثلَه معه جميعاً ليتخلّصوا عما بهم، وفيه من تهويل ما يلقاهم ما لا يحيط به البيانُ، فالموصولُ مبتدأٌ والشرطيةُ كما هي خبرُه لكن لا على أنها وضُعت موضِعَ السوآى فوقعت في مقابلة الحُسنى الواقعةِ في القرينة الأولى لمراعاة حسنِ المقابلة فصار كأنه قيل : وللذين لم يستجيبوا له السوآى كما يوهم، فإن الشرطيةَ وإن دلت على كمال سوءِ حالِهم لكنها بمعزل من القيام مقامَ لفظ السوآى مصحوباً باللام الداخلةِ على الموصول أو ضميرِه، وعليه يدور حصولُ المرام، وإنما الواقعُ في تلك المقابلة سوءُ الحساب في قوله تعالى :﴿ أُوْلَئِكَ لَهُمْ سُوء الحساب ﴾ وحيث كان اسمُ الإشارة الواقعُ مبتدأً في هذه الجملة عبارةً عن الموصول الواقعِ مبتدأً في الجملة السابقة كان خبرُها أعني الجملةَ الظرفية خبراً عن الموصول في الحقيقة ومبيِّناً لإبهام مضمونِ الشرطيةِ الواقعةِ خبراً عنه أولاً، ولذلك تُرك العطفُ فصار كأنه قيل : والذين لم يستجيبوا له لهم سوءُ الحساب، وذلك في قوة أن يقال : وللذين لم يستجيبوا له لهم سوءُ الحساب مع زيادة تأكيدٍ فتم حسنُ المقابلة على أبلغ وجهٍ وآكدِه، ثم بيِّن مؤدى ذلك فقيل :﴿ وَمَأْوَاهُمُ ﴾ أي مرجعهم {