وقال أبو حيان :
﴿ قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾
ولما كان السؤال عن أمر واضح لا يمكن أن يدفع منه أحد، كان جوابه من السائل.
فكان السبق إليه أفصح في الاحتجاج إليهم وأسرع في قطعهم في انتظار الجواب منهم، إذ لا جواب إلا هذا الذي وقعت المبادرة إليه، كما قال تعالى :﴿ قل من يرزقكم من السموات والأرض قل الله ﴾ ويبعد ما قال مكي من أنهم جهلوا الجواب فطلبوه من جهة السائل فأعلمهم به السائل، لأنه قال تعالى :﴿ ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولنّ الله ﴾ فإذا كانوا مقرين بأنّ منشىء السموات والأرض ومخترعها هو الله، فكيف يقال : بأنهم جهلوا الجواب فطلبوه من السائل؟ وقال الزمخشري : قل الله حكاية لاعتراقهم تأكيد له عليهم، لأنه إذا قال لهم : من رب السموات والأرض؟ لم يكن لهم بد من أن يقولوا : الله، كقوله ﴿ قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم سيقولون الله ﴾ وهذا كما يقول المناظر لصاحبه : أهذا قولك؟ فإذا قال : هذا قولي، قال : هذا قولك، فيحكي إقراره تقريراً عليه واستئنافاً منه، ثم يقول له : فيلزمك على هذا القول كيت وكيت.
ويجوز أن يكون تلقيناً أي : إنْ كفوا عن الجواب فلقنهم، فإنهم يتلقنونه ولا يقدرون أن ينكروه.
وقال الكرماني : قل يا محمد للكفار من رب السموات والأرض؟ استفهام تقرير واستنطاق بأنهم يقولون الله، فإذا قالوها قل : الله، أي هو كما قلتم.
وقيل : فإن جابوك وإلا قل : الله، إذ لا جواب غير هذا انتهى.
وهو تلخيص القولين اللذين قالهما الزمخشري.
وقال البغوي : روي أنه لما قال هذا للمشركين عطفوا عليه فقالوا : أجب أنت، فأمره الله فقال : قل الله انتهى.