فصل
قال الفخر :
﴿ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا ﴾
اعلم أنه تعالى لما شبه المؤمن والكافر والإيمان والكفر بالأعمى والبصير والظلمات والنور ضرب للإيمان والكفر مثلاً آخر فقال :﴿أَنَزَلَ مِنَ السماء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا﴾ ومن حق الماء أن يستقر في الأودية المنخفضة عن الجبال والتلال بمقدار سعة تلك الأودية وصغرها، من حق الماء إذا زاد على قدر الأودية أن ينبسط على الأرض ومن حق الزبد الذي يحتمله الماء فيطفو ويربو عليه أن يتبدد في الأطراف ويبطل، سواء كان ذلك الزبد ما يجري مجرى الغليان من البياض أو ما يحفظ بالماء من الأجسام الخفيفة، ولما ذكر تعالى هذا الزبد الذي لا يظهر إلا عند اشتداد جري الماء ذكر الزبد الذي لا يظهر إلا بالنار، وذلك لأن كل واحد من الأجساد السبعة إذا أذيب بالنار لابتغاء حلية أو متاع آخر من الأمتعة التي يحتاج إليها في مصالح البيت، فإنه ينفصل عنها نوع من الزبد والخبث، ولا ينتفع به بل يضيع ويبطل ويبقى الخالص.
فالحاصل : أن الوادي إذا جرى طفا عليه زبد، وذلك الزبد يبطل ويبقى الماء.