للمماثلة بينه وبين ما مُثّل به من الباطل الذي شأنُه الظهورُ في بادي الرأي من غير مداخلةٍ في الحق ﴿ وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِى النار ﴾ أي يفعلون الإيقادَ عليه كائناً في النار والضميرُ للناس أُضمر مع عدم سبق الذكرِ لظهوره وقرىء بالخطاب ﴿ ابتغاء حِلْيَةٍ أَوْ متاع ﴾ أي لطلب اتخاذِ حليةٍ وهي ما يُتزيّن ويُتجمّل به كالحِليِّ المتخَذَة من الذهب والفضة أو اتخاذِ متاعٍ وهو ما يتمتع به من الأواني والآلات المتخَذةِ من الرصاص والحديد وغيرِ ذلك من الفِلزّات ﴿ زَبَدٌ ﴾ خبث ﴿ مّثْلِهِ ﴾ مثلُ ما ذكر من زبد الماء في كونه رابياً فوقه، فقوله : زبدٌ مبتدأٌ خبرُه الظرفُ المقدم، ومن ابتدائيه دالةٌ على مجرد كونِه مبتدأ وناشئاً منه لا تبعيضيةٌ معرِبة عن كونه بعضاً منه كما قيل، لإخلال ذلك بالتمثيل، وفي التعبير عن ذلك بالموصول والتعرضِ لما في حيّز الصلةِ من إيقاد النار عليه جرْيٌ على سنن الكِبرياء بإظهار التهاونِ به كما في قوله تعالى :
﴿ فَأَوْقِدْ لِى ياهامان ياهامان عَلَى الطين ﴾ وإشارةٌ إلى كيفية حصولِ الزبدِ منه بذوبانه، وفي زيادة ( في النار ) إشعارٌ بالمبالغة في الاعتمال للإذابة وحصولِ الزبد كما أشير إليه، وعدمُ التعرض لإخراجه من الأرض لعدم دخلِ ذلك العنوانِ في التمثيل كما أن لعنوان إنزالِ الماءِ من السماء دخلاً فيه حسبما فصّل فيما سلف بل له إخلالٌ بذلك.