واستظهر أبو حيان كونها للتبعيض لأن ذلك الزبد بعض ما يوقد عليه من تلك المعادن ولم يرتضه بعض المحققين لإخلاله على ما قال بالتمثيل، وإنما لم يتعرص لإخراج ذلك من الأرض كما تعرض لعنوان انزال الماء من السماء لعدم دخل ذلك العنوان في التمثيل على ما ستعمله إن شاء الله تعالى كما أن للعنوان السابق دخلاً فيه بل له إخلال بذلك ﴿ كذلك ﴾ أي مثل ذلك الضرب البديع المشتمل على نكت رائقة :﴿ يَضْرِبُ الله الحق والباطل ﴾ أي مثل الحق ومثل الباطل، والحذف للابناء على كمال التمثال بين الممثل والممثل به كأن المثل المضروب عين الحق والباطل ﴿ فَأَمَّا الزبد ﴾ من كل من السيل وما يوقدون عليه، وأفردو لم يثن وإن تقدم زبدان لاشتراكهما في مطلق الزبدية فهما واحد باعتبار القدر المشترك ﴿ فَيَذْهَبُ ﴾ مرمياً به يقال : جفا الماء بالزبد إذا قذفه ورمى به، ويقال : أجفأ أيضاً بمعناه، وقال ابن الأنباري : جفاء أي متفرقاً من جفأت الريح الغيم إذا قطعته وفرقته وجفأت الرجل صرعته، ويقال : جفأ الوادي وأجفأ إذا نشف، وقرىء ﴿ جفالاً ﴾ باللام بدل الهمزة وهو بمعنى متفرقاً أيضاً أخذاً من جفلت الريح الغيم كفأت ونسبت هذه القراءة إلى رؤبة، قال ابن أبي حاتم : ولا يقرأ بقراءته لأنه كان يأكل الفأر يعني أنه كان إعرابياً جافياً، وعنه لا تعتبر قراءة الأعراب في القرآن، والنصب على الحالية ﴿ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ الناس ﴾ أي من الماء الصافي الخالص من الغثاء والجوهر المعدني الخالص من الخبث ﴿ فَيَمْكُثُ ﴾ يبقى ﴿ فِى الأرض ﴾ أما الماء فيبقى بعضه في مناقعه ويسلك بعضه في عروق الأرض إلى العيون ونحوها ؛ وأما الجوهر المعدني فيصاغ من بعضه أنواع الحلى ويتخذ من بعضه أصناف الآلات والأدوات فينتفع بكل من ذلك أنواع الانتفاعات مدة طويلة فالمراد بالمكث في الأرض ما هو أعم من المكث في نفسها ومن البقاء في أيدي المتقلبين فيها، وتغيير ترتيب اللف