وهو قوله :﴿ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَه ﴾ [ البقرة : من الآية ١٧ ] الآية، ثم قال :﴿ أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ ﴾ [ البقرة : من الآية ١٩ ] الآية، وهكذا ضرب للكافرين في سورة النور مَثَلَيْن أحدهما قوله :﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ ﴾ [ النور : من الآية ٣٩ ] الآية، والسراب إنما يكون في شدة الحر، ولهذا جاء في " الصحيحين " :< فيقال لليهود يوم القيامة : فما تريدون ؟ فيقولون ؟ أي : ربنا ! عطشنا فاسقنا. فيقال : ألا تردون ؟ فيردون النار، فإذا هي كسراب يحطم بعضها بعضاً >. ثم قال تعالى في المثل الآخر :﴿ أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّي ﴾ [ النور : من الآية ٤٠ ] الآية، وفي " الصحيحين " عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ قال :< إن مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضاً، فكان منها طائفة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير. وكانت منها أجادب أمسكت الماء، فنفع الله بها الناس فشربوا ورعوا وسقوا وزرعوا. وأصابت طائفة منها أخرى، إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ ! فذلك مثل من فقُه في دين الله ونفعه الله بما بعثني، ونفع به فَعَلِمَ وعَلَّم، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به، فهذا مثل الماء >. وفي " مسند الإمام أحمد " عن أبي هريرة عن رسول الله ﷺ أنه قال :< مثلي ومثلكم كمثل رجل استوقد ناراً، فلما أضاءت ما حوله جعل الفراش، وهذه الدواب التي يقعن في النار، يقعن فيها، وجعل يحجزهن ويغلبنه فيقتحمن فيها. قال : فذلكم مثلي ومثلكم. أنا آخذ بحجزكم عن النار، هلم عن النار ! فتغلبوني فتتقحمون فيها... > وأخرجاه في " الصحيحين " أيضاً. فهذا مثل ناري. انتهى. أ هـ ﴿محاسن التأويل حـ ٩ صـ ٢٧٩ ـ ٢٨٣﴾


الصفحة التالية
Icon