القيد التاسع : قوله :﴿وَيَدْرَؤُنَ بالحسنة السيئة﴾ وفيه وجهان : الأول : أنهم إذا أتوا بمعصية درؤها ودفعوها بالتوبة كما روى أن النبي ﷺ قال لمعاذ بن جبل :" إذا عملت سيئة فاعمل بجنبها حسنة تمحها " والثاني : أن المراد أنهم لا يقابلون الشر بالشر بل يقابلون الشر بالخير كما قال تعالى :﴿وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ مَرُّواْ كِراماً﴾ [ الفرقان : ٧٢ ] وعن ابن عمر رضي الله عنهما ليس الوصول من وصل ثم وصل تلك المجازاة لكنه من قطع ثم وصل وعطف على من لم يصله، وليس الحليم من ظلم ثم حلم حتى إذا هيجه قوم اهتاج، لكن الحليم من قدر ثم عفا.
وعن الحسن : هم الذين إذا حرموا أعطوا وإذا ظلموا عفوا، ويروى أن شقيق بن إبراهيم البلخي دخل على عبد الله بن المبارك متنكراً، فقال من أين أنت ؟ فقال : من بلخ، فقال : وهل تعرف شقيقاً قال نعم، فقال : كيف طريقة أصحابه ؟ فقال : إذا منعوا صبروا وإن أعطوا شكروا، فقال عبد الله : طريقة كلابنا هكذا.
فقال : وكيف ينبغي أن يكون فقال الكاملون : هم الذين إذا منعوا شكروا وإذا أعطوا آثروا.
واعلم أن جملة هذه القيود التسعة هي القيود المذكورة في الشرط.
أما القيود المذكورة في الجزاء فهي أربعة :
القيد الأول : قوله :﴿أُوْلَئِكَ لَهُمْ عقبى الدار﴾ أي عاقبة الدار وهي الجنة، لأنها هي التي أراد الله أن تكون عاقبة الدنيا ومرجع أهلها.
قال الواحدي : العقبى كالعاقبة، ويجوز أن تكون مصدراً كالشورى والقربى والرجعى، وقد يجيء مثل هذا أيضاً على فَعلى كالنجوى والدعوى، وعلى فِعلى كالذكرى والضيزى، ويجوز أن يكون اسماً وهو ههنا مصدر مضاف إلى الفاعل، والمعنى : أولئك لهم أن تعقب أعمالهم الدار التي هي الجنة.
القيد الثاني : قوله :﴿جنات عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا﴾ وفيه مسألتان :
المسألة الأولى :


الصفحة التالية
Icon