و ﴿ ابتغاء ﴾ نصب على المصدر أو على المفعول لأجله، و" الوجه " في هذه الآية ظاهره الجهة التي تقصد عنده تعالى بالحسنات لتقع عليها المثوبة، وهذا كما تقول : خرج الجيش لوجه كذا، وهذا أظهر ما فيه مع احتمال غيره و" إقامة الصلاة " هي الإتيان بها على كمالها، و﴿ الصلاة ﴾ هنا هي المفروضة وقوله :﴿ وأنفقوا ﴾ يريد به مواساة المحتاج، و" السر " هو فيما أنفق تطوعاً، و" العلانية " فيما أنفق من الزكاة المفروضة، لأن التطوع كله الأفضل فيه التكتم.
وقوله :﴿ ويدرؤون بالحسنة السيئة ﴾ أي ويدفعون من رأوا منه مكروهاً بالتي هي أحسن، وقيل : يدفعون بقوله : لا إله إلا الله، شركهم وقيل : يدفعون بالسلام غوائل الناس.
قال القاضي أبو محمد : وبالجملة فإنهم لا يكافئون الشر بالشر، وهذا بخلاف خلق الجاهلية، وروي أن هذه الآية نزلت في الأنصار ثم هي عامة بعد ذلك في كل من اتصف بهذه الصفات.
وقوله :﴿ عقبى الدار ﴾ يحتمل أن يكون ﴿ عقبى ﴾ دار الدنيا، ثم فسر العقبى بقوله :﴿ جنات عدن ﴾ إذ العقبى تعم حالة الخير وحالة الشر، ويحتمل أن يريد ﴿ عقبى ﴾ دار الآخرة لدار الدنيا، أي العقبى الحسنة في الدار الآخرة هي لهم.
وقرأ الجمهور :" جنات عدن " وقرأ النخعي :" جنة عدن يُدخَلونها " بضم الياء وفتح الخاء. و﴿ جنات ﴾ بدل من ﴿ عقبى ﴾ وتفسير لها. و﴿ عدن ﴾ هي مدينة الجنة ووسطها، ومنها جنات الإقامة. من عدن في المكان إذا أقام فيه طويلاً ومنه المعادن، و﴿ جنات عدن ﴾ يقال : هي مسكن الأنبياء والشهداء والعلماء فقط - قاله عبد الله بن عمرو بن العاصي - ويروى : أن لها خمسة آلاف باب.
وقوله :﴿ ومن صلح ﴾ أي من عمل صالحاً وآمن - قاله مجاهد وغيره - ويحتمل : أي من صلح لذلك بقدر الله تعالى وسابق علمه.


الصفحة التالية
Icon