وقيل : يدفعون الشرك بشهادة أن لا إله إلا الله ؛ فهذه تسعة أقوال، معناها كلها متقارب، والأول يتناولها بالعموم ؛ ونظيره :﴿ إِنَّ الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات ﴾ [ هود : ١١٤ ] ومنه قوله عليه السلام لمعاذ :" وَأَتْبِعْ السّيئة الحَسَنَة تَمْحُهَا وخَالِق الناسَ بِخُلُق حَسَن " قوله تعالى :﴿ أولئك لَهُمْ عقبى الدار ﴾ أي عاقبة الآخرة، وهي الجنة بدل النار، والدار غداً داران : الجنة للمطيع، والنار للعاصي ؛ فلما ذكر وصف المطيعين فدارهم الجنة لا محالة.
وقيل : عنى بالدار دار الدنيا ؛ أي لهم جزاء ما عملوا من الطاعات في دار الدنيا.
قوله تعالى :﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا ﴾ أي لهم جنات عدن ؛ ف"جَنَّاتُ عَدْنٍ" بدل من "عُقْبَى" ويجوز أن تكون تفسيراً ل"عُقْبَى الدَّارِ" أي لهم دخول جنات عدن ؛ لأن "عُقْبَى الدَّارِ" حَدَث و"جَنَّاتُ عَدْنٍ" عين، والحدث إنما يفسر بحدَث مثله ؛ فالمصدر المحذوف مضاف إلى المفعول.
ويجوز أن يكون "جَنَّاتُ عَدْنٍ" خبر ابتداء محذوف.
و"جَنَّاتُ عَدْنٍ" وسط الجنة وقَصَبتها، وسقفها عرش الرحمن ؛ قاله القُشَيري أبو نصر عبد الملك.
وفي صحيح البخاري :" إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تُفَجّر أنهار الجنة " فيحتمل أن يكون "جنات" كذلك إن صحّ فذلك خبر.
وقال عبد الله بن عمرو : إن في الجنة قصراً يقال له عَدْن، حوله البُرُوج والمروج ؛ فيه ألف باب، على كل باب خمسة آلاف حِبَرَة لا يدخله إلا نبي أو صدّيق أو شهيد.
و"عدن" مأخوذ من عَدَن بالمكان إذا أقام فيه ؛ على ما يأتي بيانه في سورة "الكهف" إن شاء الله تعالى.
﴿ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ﴾ يجوز أن يكون معطوفاً على "أُولَئِكَ" المعنى : أولئك ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم لهم عقبى الدار.


الصفحة التالية
Icon