وقيل : المراد بالسر صدقة التطوع والمراد بالعلانية الزكاة الواجبة وحمله على العموم أولى ﴿ ويدرؤون بالحسنة السيئة ﴾ قال ابن عباس : يدفعون بالعمل الصالح العمل السيء، وهو معنى قوله :﴿ إن الحسنات يذهبن السيئات ﴾ ويدل على صحة هذا التأويل ما جاء في الحديث أن النبي ( ﷺ ) قال " إذا عملت سيئة فاعمل بجنبها حسنة تمحها السر بالسر والعلانية بالعلانية " وروى البغوي بسنده عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله ( ﷺ ) :" إن مثل الذي يعمل السيئات ثم يعمل الحسنات كمثل رجل عليه درع ضيقة قد خنقته ثم عمل حسنة فانفكت حلقة ثم عمل أخرى فانفكت أخرى حتى خرج إلى الأرض " وقال ابن كيسان : يدفعون الذنب بالتوبة وقيل : لايكافئون الشر بالشر ولكن يدفعون الشر بالخير وقال القتيبي معناه إذا سفه عليهم حلموا والسفه السيئة والحلم الحسنة، وقال قتادة : ردوا عليهم رداً معروفاً.
وقال الحسن : إذا حرموا أعطوا وإذا ظلموا عفوا وإذا قطعوا وصلوا.
قال عبد الله بن المبارك : هذه ثمان خلال مشيرة إلى أبواب الجنة الثمانية قلت إنما هي تسع خلال فيحتمل أنه عد خلتين بواحدة ولما ذكر الله هذه الخلال من أعمال البر، ذكر بعدها ما أعد للعاملين بها من الثواب فقال تعالى ﴿ أولئك ﴾ يعني من أتى بهذه الأعمال ﴿ لهم عقبى الدار ﴾ يعني الجنة والمعنى إن عاقبتهم دار الثواب ﴿ جنَّات عدن ﴾ بدل من عقبى الدار يعني بساتين إقامة يقال عدن بالمكان إذا أقام به ﴿ يدخلونها ﴾ يعني الدار التي تقدم وصفها ﴿ ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم ﴾ يعني ومن صدق من آبائهم بما صدقوا به، وإن لم يعمل بأعمالهم قاله ابن عباس.