وقال أبو حيان :
﴿ أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾
قال ابن عباس : نزلت أفمن يعلم في حمزة وأبي جهل.
وقيل : في عمر بن الخطاب وأبي جهل.
وقيل : في عمار بن ياسر وأبي جهل.
قرأ زيد بن علي : أو من بالواو بدل الفاء، إنما أنزل مبنياً للفاعل.
ولما ذكر تعالى مثل المؤمن والكافر، وذكر ما للمؤمن من الثواب، وما للكافر من العقاب، ذكر استبعاد من يجعلها سواء وأنكر ذلك فقال : أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى أي : ليسا مشتبهين، لأنّ العالم بالشيء بصير به، والجاهل به كالأعمى، والمراد أعمى البصيرة ولذلك قابله بالعلم.
والهمزة للاستفهام المراد به : إنكار أن تقع شبهة بعدما ضرب من المثل في أن حال من علم إنما أنزل إليك من ربك الحق فاستجاب، بمعزل من حال الجاهل الذي لم يستبصر فيستجيب، كبعد ما بين الزبد والماء، والخبث والإبريز.
ثم ذكر أنه لا يتذكر بالموعظة، وضرب الأمثال إلا أصحاب العقول.
والفاء للعطف، وقدمت همزة الاستفهام لأنه صدر الكلام والتقدير : فأمن يعلم، ويبعدها أن يكون فعل محذوف بين الهمزة والفاء عاطفة ما بعدها على ذلك الفعل، كما قدره الزمخشري في قوله :﴿ أفلم يسيروا ﴾ وقوله :﴿ أفلا يعقلون ﴾ وجوزوا في الذين أنْ يكون بدلاً من أولوا، أو صفة له، وصفة لمن من قوله : أفمن يعلم وإنما يتذكر اعتراض، ومبتدأ خبره أولئك لهم عقبى الدار كقوله :﴿ والذين ينقضون عهد الله ﴾ ثم قال :﴿ أولئك لهم اللعنة ﴾ والظاهر عموم العهد.
وقيل : هو خاص، فقال السدي : ما عهد إليهم في القرآن.
وقال قتادة : في الأزل، وهو قوله :﴿ ألست بربكم قالوا بلى ﴾ وقال القفال : ما في حيلتهم وعقولهم من دلائل التوحيد والنبوات.
وقيل : في الكتب المتقدمة والقرآن.
وقيل : المأخوذ على ألسنة الرسل.