من الرحِم وموالاةِ المؤمنين والإيمانِ بجميع الأنبياء المجمعين على الحق من غير تفريقٍ بين أحد منهم، ويندرج فيه مراعاةُ جميعِ حقوقِ الناس في حقوق كل ما يتعلق بهم من الهرّ والدَّجاج ﴿ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ﴾ خشيةَ جلالٍ وهَيْبةٍ فلا يعصونه فيما أمر به ﴿ وَيَخَافُونَ سوء الحِسَابِ ﴾ فيحاسبون أنفسَهم قبل أن يحاسَبوا، وفيه دَلالةٌ على كمال فظاعتِه حسبما ذكر فيما قبل.
﴿ وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ﴾ على كل ما تكره النفسُ من الأفعال والتروك ﴿ ابتغاء وَجْهِ رَبّهِمْ ﴾ طلباً لرضاه خاصة من غير أن ينظروا إلى جانب الخلقِ رياءً وسُمعةً ولا إلى جانب النفس زينةً وعُجْباً، وحيث كان الصبرُ على الوجه المذكور مَلاكَ الأمرِ في كل ما ذكر من الصلاة السابقة واللاحقةِ أُورد على صيغة الماضي اعتناءً بشأنه ودِلالةً على وجوب تحققِه فإن ذلك مما لا بد منه إما في أنفس الصلات كما فيما عدا الأولى والرابعةِ والخامسةِ أو في إظهار أحكامِها كما في الصلات الثلاثِ المذكورات فإنها وإن استغنت عن الصبر في أنفسها حيث لا مشقةَ على النفس في الاعتراف بالربوبية والخشيةِ والخوف لكن إظهارَ أحكامِها والجريَ على موجبها غيرُ خالٍ عن الاحتياج إليه ﴿ وَأَقَامُواْ الصَّلاةَ ﴾ المفروضة ﴿ وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ ﴾ أي بعضَه الذي يجب عليهم إنفاقُه ﴿ سِرّا ﴾ لمن لم يُعرفْ بالمال أو لمن لا يتهم بترك الزكاةِ أو عند إنفاقِه وإعطائه مَنْ تمنعه المروءةُ من أخذه ظاهراً ﴿ وَعَلاَنِيَةً ﴾ لمن لم يكن كما ذكر أو الأول في التطوع والثاني في الفرض.


الصفحة التالية
Icon