وأبي جهل، وقد أشرنا إلى وجه اتصالها بما قبلها، والعلامة الطيبي بعد أن قرر وجه الاتصال بأن ﴿ فَمَنْ يَعْلَمْ ﴾ عطف على جملة ﴿ لِلَّذِينَ استجابوا ﴾ [ الرعد : ٨ ] الخ والهمزة مقحمة بين المعطوف والمعطوف عليه، وذكر من معنى الآية على ذلك ما ذكر قال : ثم إنك إذا أمعنت النظر وجدتها متصلة بفاتحة السورة يعني بقوله تعالى :﴿ والذى أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبّكَ الحق ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾ [ الرعد : ١ ] وهو كما ترى.
﴿ الذين يُوفُونَ بِعَهْدِ الله ﴾
بما عقدوا على أنفسهم من الاعتراف بربوبيته تعالى حين قالوا : بلى، أو بما عهد الله تعالى عليهم في كتبه من الأحكام فالمراد به ما يشمل جميع الأمم، وإضافة العهد إلى الاسم الجليل من باب إضافة المصدر إلى مفعوله على الوجه الأول ومن باب إضافة المصدر إلى الفاعل على الثاني، وإذا أريد بالعهد ما عقده الله تعالى عليهم يوم قال سبحانه :﴿ أَلَسْتَ بِرَبّكُمْ ﴾ [ الأعراف : ١٧٢ ] كانت الإضافة مطلقاً من باب إضافة المصدر إلى الفاعل وهو الظاهر كما في "البحر"، وحكى حمل العهد على عهد ﴿ أَلَسْتَ ﴾ عن قتادة، وحمله على ما عهد في الكتب عن بعضهم، ونقل عن السدي حمله على ما عهد إليهم في القرآن، وعن القفال حمله على ما في جبلتهم وعقولهم من دلائل التوحيد والنبوات إلى غير ذلك واستظهر حمله على العموم ﴿ وَلاَ يِنقُضُونَ الميثاق ﴾ ما وثقوا من المواثيق بين الله تعالى وبينهم من الإيمان به تعالى والأحكام والنذور وما بينهم وبين العباد كالعقود وما ضاهاها، وهو تعميم بعد تخصيص وفيه تأكيد للاستمرار المفهوم من صيغة المستقبل.


الصفحة التالية
Icon