مِنْ عِبَادِهِ العلماء } [ فاطر : ٢٨ ].
وقال بعضهم : الخشية أشد الخوف لأنها مأخوذة من قولهم : شجرة خشية أي يابسة ولذا خصت بالرب في هذه الآية، وفرق بينهما أيضاً بأن الخشية تكون من عظم المخشي وإن كان الخاشي قوياً والخوف من ضعف الخائف وإن كان المخوف أمراً يسيراً، يدل على ذلك أن تقاليب الخاء والشين والياء تدل على الغفلة وفيه تدبر، والحق أن مثل هذه الفروق أغلبي لا كلي وضعي ولذا لم يفرق كثير بينهما، نعم اختار الإمام أن المراد من ﴿ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم ﴾ أنهم يخافونه يخوف مهابة وجلالة زاعماً أنه لولا ذلك يلزم التكرار وفيه ما فيه.
﴿ وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ﴾
على كل ما تكرهه النفس من المصائب المالية والبدنية وما يخالفه هوى النفس كالانتقام ونحوه ويدخل فيما ذكر التكاليف ﴿ ابتغاء وَجْهِ رَبّهِمْ ﴾ طلباً لرضاه تعالى من غير أن ينظروا إلى جانب الخلق رياء أو سمعة ولا إلى جانب أنفسهم زينة وعجباً، وقيل : المراد طالبين ذلك فنصب ﴿ ابتغاء ﴾ على الحالية وعلى الأول هو منصوب على أنه مفعول له، والكلام في مثل الوجه منسوباً إليه تعالى شهير.
وفي "البحر" أن الظاهر منه ههنا جهة الله تعالى أي الجهة التي تقصد عنده سبحانه بالحسنات ليقع عليها المثوبة كما يقال : خرج زيد لوجه كذا، وفيه أيضاً أنه جات الصلة هنا بلفظ الماضي وفيما تقدم بلفظ المضارع على سبيل التفنن في الفصاحة لأن المبتدأ في معنى اسم الشرط والماضي كالمضارع في اسم الشرط فكذلك فيما أشبهه، ولذا قال النحويون : إذا وقع الماضي صلة أو صفة لنكرة عامة احتمل أن يراد به المضي وإن يراد به الاستقبال، فمن الأول ﴿ الذين قَالَ لَهُمُ الناس ﴾ [ آل عمران : ١٧٣ ] ومن الثاني ﴿ إِلاَّ الذين تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ ﴾ [ المائدة : ٣٤ ] ويظهر أيضاً أن اختصاص هذه الصلة بالماضي وما تقدم بالمضارع أن ما تقدم قصد به الاستصحاب.