وقرأ النخعي ﴿ جَنَّةُ ﴾ بالأفراد، وروى عن ابن كثير وأبي عمرو ﴿ يَدْخُلُونَهَا ﴾ مبنياً للمفعول ﴿ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ ءابَائِهِمْ ﴾ جمع أبوي كل واحد منهم فكأنه قيل : من آبائهم وأمهاتهم ﴿ وأزواجهم وذرياتهم ﴾ وهو كما قال أبو البقاء عطف على المرفوع في يدخلون وإنما ساغ ذلك مع عدم التأكيد للفصل بالضمير الآخر، وجوز أن يكون مفعولاً معه.
واعترض بأن واو المعية لا تدخل إلاعلى المتبوع.
ورد بأن هذا إنما ذكر في مع لا في الواو وفيه نظر، والمعنى أنه يلحق بهم من صلح من أهليهم وأن لم يبلغ مبلغ فضلهم تبعاً لهم تعظيماً لشأنهم.
أخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن ابن جرير قال : يدخل الرجل الجنة فيقول : أين أمي أين ولدي أين زوجتي؟ فيقال : لم يعملوا مثل عملك فيقول : كنت أعمل لي ولهم ثم قرأ الآية، وفسر ﴿ مِنْ صالح ﴾ بمن آمن وهو المروي عن مجاهد وروى ذلك عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وفسر ذلك الزجاج بمن آمن وعمل صالحاً، وذكر أنه تعالى بين بذلك أن الأنساب لا تنفع إذا لم يكن معها أعمال صالحة بل الآباء والأزواج والذرية لا يدخلون الجنة إلا بالأعمال الصالحة.
ورد عليه الواحدي فقال : الصحيح ما روى عن ابن عباس لأن الله تعالى جعل ثواب المطيع سروره بحضور أهله معه في الجنة، وذلك يدل على أنهم يدخلونها كرامة للمطيع الآتي بالأعمال الصالحة فلو دخلوها بأعمالهم لم يكن في ذلك كرامة للمطيع ولا فائدة في الوعد به إذ كل من كان مصلحاً في عمله فهو يدخل الجنة.
وضعف ذلك الإمام بأن المقصود بشارة المطيع بكل ما يزويه سروراً وبهجة فإذا بشر الله تعالى المكلف بأنه إذا دخل الجنة يحضر معه أهله يعظم سروره وتقوى بهجته.


الصفحة التالية
Icon