وعن أبي عمران بما صبرتم على دينكم، وعن الحسن عن فضول الدنيا، وعن محمد بن النصر على الفقر، والتعميم أولى، وتخصيص الصبر بالذكر من بين الصلات السابقة لما أنه ملاك الأمر والأمر المعنى به كما علمت ﴿ فَنِعْمَ عقبى الدار ﴾ أي فنعم عاقبة الدنيا الجنة، وقيل : المراد بالدار الآخرة، وقال بعضهم : المراد أنهم عقبوا الجنة من جهنم، قال ابن عطية : وهذا مبني على ما ورد من أن كل رجل من أهل الجنة قد كان له مقعد من النار فصرفه الله تعالى عنه إلى النعيم فيعرض عليه ويقال له : هذا مقعدك من النار قد أبدلك الله تعالى بالجنة بإيمانك وصبرك.
وقرأ ابن يعمر ﴿ فَنِعْمَ ﴾ بفتح النون وكسر العين وذلك هو الأصل، وابن وثاب ﴿ فَنِعْمَ ﴾ بفتح النون وسكون العين وتخفيف فعل لغة تميم، وجاء فيها كما في "الصحاح" ﴿ نِعْمَ ﴾ بكسر النون واتباع العين لها ؛ وأشهر استعمالاتها ما عليه الجمهور.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن إبراهيم قال : كان النبي ﷺ يأتي قبول الشهداء على رأس كل حول فيقول :﴿ سلام عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عقبى الدار ﴾ وكذا كان يفعل أبو بكر.
وعمر.
وعثمان رضي الله تعالى عنهم، وتمسك بعضهم بالآية على أن الملك أفضل من البشر فقالوا : إنه سبحانه ختم مراتب سعادات البشر بدخول الملائكة عليهم على سبيل التحية والإكرام والتعظيم والسلام فكانوا أجل مرتبة من البشر لما كان دخولهم عليهم لأجل السلام والتحية موجباً علو درجاتهم وشرف مراتبهم، ولا شك أن من عاد من سفره إلى بيته فإذا قيل في معرض كمال مرتبته أنه يزوره الأمير.
والوزير.
والقاضي.
والمفتي دل على أن درجة المزور أقل وأدنى من درجات الزائرين فكذا ههنا، وهو من الركاكة بمكان.


الصفحة التالية
Icon