﴿ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ ﴾ أي : من أرحامهم وقراباتهم وإخوانهم المؤمنين، بالإحسان إليهم على حسب الطاقة، ونصرتهم، والذب عنهم، والشفقة عليهم، والنصيحة لهم، وكف الأذى عنهم :﴿ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ﴾ أي : يعملون له أو يخافون وعيده فلا يعصونه فيما أمر :﴿ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ ﴾.
﴿ وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ ﴾ أي : يدفعون بالكلام الحسن الكلام السيئ إذا خاطبهم به الجاهلون، كما قال تعالى :﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن ﴾ [ المؤمنون : من الآية ٩٦ ] الآية، أو يتبعون السيئة الحسنة لتمحوها :﴿ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ أي : عاقبة الدنيا وهي الجنة ؛ لأنها مرجع أهلها. فتعريف الدار للعهد.
﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ * سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [ ٢٣ - ٢٤ ].
﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ﴾ أي : آمن ووحَّد وعمل صالحاً من هؤلاء.
قال أبو السعود : وفي التقييد بالصلاح قطع للأطماع الفارغة لمن يتمسك بمجرد حبل الأنساب.
وأصله للزجَّاج حيث قال : بيَّن تعالى أن الأنساب لا تنفع إذا لم يحصل معها أعمال صالحة، بل الآباء والأزواج والذاريات لا يدخلون الجنة إلا بالأعمال الصالحة.
وقرئ - شاذاً - بضم لام ( صَلْح ). قال الزمخشري : والفتح أفصح.
﴿ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ ﴾. أ هـ ﴿محاسن التأويل حـ ٩ صـ ٢٨٣ ـ ٢٨٥﴾


الصفحة التالية
Icon