ولقد سألت دون منزلتك، هذا لك مني ؛ لأنه ليس في عطائي نكد، ولا قصر يد، قال : ثم يقول : أعرضوا على عبادي ما لم يبلغ أمانيهم ولم يخطر لهم على بال، قال : فيعرضون عليهم حتى تقصر بهم أمانيهم التي في أنفسهم، فيكون فيما يعرضون عليهم براذين مقرنة على كل أربعة منها سرير من ياقوتة واحدة، على كل سرير منها قبة من ذهب،
مفرغة، في كل قبة منها فرش من فرش الجنة، متظاهرة، في كل قبة منها جاريتان من الحور العين، على كل جارية منهن ثوبان من ثياب الجنة، وليس في الجنة لون إلا وهو فيهما، ولا ريح ولا طيب إلا قد عبق بهما، ضوء وجوههما غلظ القبة، حتى يظن من يراهما أنهما دون القبة، يرى مخهما من فوق سوقهما كالسلك الأبيض في ياقوتة حمراء، يريان له من الفضل على صاحبه كفضل الشمس على الحجارة أو أفضل، ويرى هو لهما مثل ذلك، ويدخل إليهما فيحييانه ويقبلانه، ويتعلقان به، ويقولان له : والله ما ظننا أن الله يخلق مثلك، ثم يأمر الله الملائكة فيسيرون بهم صفا في الجنة، حتى ينتهي كل رجل منهم إلى منزلته التي أعدت له.
وقد وصف ابن كثير في تفسيره هذا الأثر : بأنه غريب عجيب وساقه، وقد روى هذا الأثر ابن أبي حاتم بسنده، عن وهب أيضا وزاد زيادات أخرى.
التفسير الصحيح لقوله :﴿طُوبَى لَهُم﴾
والمأثور عن السلف في تفسير طوبى غير ذلك، فروي عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسيرها : فرح لهم وقرة عين، وقال عكرمة : نِعَم لما لهم، وقال قتادة : حسنى لهم، وقال إبراهيم النختي : خير لهم وكرامة.
وروي أيضًا عن بعض الصحابة، وغير واحد من السلف : أن طوبى شجرة في الجنة، بل وَرَدَ ذلك عن أبي سعيد الخدري مرفوعا :"طوبى شجرة في الجنة، ظلها مسيرة مائة سنة، ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها".
بل قيل : إنها الشجرة التي ذكرها النبي ﷺ في قوله :"إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها" رواه أحمد، والبخاري، ومسلم في بعض روايات أحمد والبخاري : اقرأوا إن شئتم :﴿وَظِلٍّ مَمْدُود﴾.
ونحن لا ننكر احتمال أن تكون هذه الشجرة المذكورة في الحديث الصحيح، ولكن


الصفحة التالية
Icon