وقال ابن عطية :
﴿ كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ﴾
الكاف في ﴿ كذلك ﴾ متعلقة بالمعنى الذي في قوله :﴿ قل إن الله يضل من يشاء ويهدي إليه من أناب ﴾ [ الرعد : ٢٧ ] أي كما أنفذ الله هذا ﴿ كذلك ﴾ أرسلتك - هذا قول - والذي يظهر لي أن المعنى كما أجرينا العادة بأن الله يضل ويهدي، لا بالآيات المقترحة. فكذلك أيضاً فعلنا في هذه الأمة :﴿ أرسلناك ﴾ إليها بوحي، لا بآيات مقترحة، فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء.
وقوله :﴿ وهم يكفرون بالرحمن ﴾ قال قتادة وابن جريج : نزلت حين عاهدهم رسول الله عام الحديبية، فكتب الكاتب : بسم الله الرحمن الرحيم، فقال قائلهم : نحن لا نعرف الرحمن ولا نقرأ اسمه.
قال القاضي أبو محمد : والذي أقول في هذا : أن " الرحمن " يراد به الله تعالى وذاته، ونسب إليهم الكفر به على الإطلاق، وقصة الحديبية وقصة أمية بن خلف مع عبد الرحمن بن عوف، إنما هي إباية الاسم فقط، وهروب عن هذه العبارة التي لم يعرفوها إلا من قبل محمد عليه السلام.
ثم أمر الله تعالى نبيه بالتصريح بالدين والإفصاح بالدعوة في قوله :﴿ قل هو ربي لا إله إلا هو عليه توكلت ﴾ و" المتاب " : المرجع كالمآب، لأن التوبة الرجوع. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية