من لطائف الإمام القشيرى فى الآية
قال عليه الرحمة :
﴿ كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ﴾
لئن أرسلناك بالنبوة إليهم فلقد أرسلنا قبلك كثيراً من الرسل، ولئن أصابك منهم بلاءٌ فلقد أصاب مَنْ قَبْلَكَ كثيرٌ من البلاء، فاصْبِرْ كما صَبَرُوا تُؤْجَرْ كما أُجِرُوا.
قوله جلّ ذكره ﴿ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّى لآَ إلَهَ إلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ ﴾.
لئن كفروا بنا فآمِنْ أنت، وإذا آمنتَ فلا تبالِ بِمَنْ جَحَد، فإِنَّك أنت المقصودُ من البَرِيَّة، والمخصوصُ بالرسالة والمحبة.
لو كان يجوز في وصفنا أن يكون لنا غرضٌ في أفعالنا.
ولو كان الغرض في الخِلْقَة فأنت سيد البَشَر، وأنت المخصوص من بين البشرية بحسن الإقبال (١)، فهذا مخلوق يقول في مخلوق :
وكنتُ أَخَّرْتُ أوطاري لوقت... فكان الوقت وقتك والسلام
وكنت أطالِبُ الدنيا بِحُبِّ... فكنتَ الحُبَّ.. وانقطع الكلام. أ هـ ﴿لطائف الإشارات حـ ٢ صـ ٢٣٠ ـ ٢٣١﴾
(١) هذه أقصى درجة فى التصور لشخصية الرسول صلوات اللّه عليه - في نظر هذا الصوفي.. قارن ذلك بأقوال باحث آخر كابن عربى أو الجيلي عن «الإنسان الكامل»، لتلحظ الفرق الهائل بين الاتجاهين.