القول الأول : قيل : أراد به جميع الكفار لأن الوقائع الشديدة التي وقعت لبعض الكفار من القتل والسبي أوجب حصول الغم في قلب الكل، وقيل : أراد بعض الكفار وهم جماعة معينون والألف واللام في لفظ الكفار للمعهود السابق هو ذلك الجمع المعين.
المسألة الثانية :
في الآية وجهان.
الأول : ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا من كفرهم وسوء أعمالهم قارعة داهية تقرعهم بما يحل الله بهم في كل وقت من صنوف البلايا والمصائب في نفوسهم وأولادهم وأموالهم، أو تحل القارعة قريباً منهم، فيفزعون ويضطربون ويتطاير إليهم شرارها، ويتعدى إليهم شرورها حتى يأتي وعد الله وهو موتهم أو القيامة.
والقول الثاني : ولا يزال كفار مكة تصيبهم بما صنعوا برسول الله ﷺ من العداوة والتكذيب قارعة، لأن رسول الله ﷺ كان لا يزال يبعث السرايا فتغير حول مكة وتختطف منهم وتصيب مواشيهم، أو تحل أنت يا محمد قريباً من دارهم بجيشك كما حل بالحديبية حتى يأتي وعد الله وهو فتح مكة، وكان الله قد وعده ذلك.
ثم قال :﴿إن الله لا يخلف الميعاد﴾ والغرض منه تقوية قلب الرسول ﷺ وإزالة الحزن عنه.
قال القاضي : وهذا يدل على بطلان قول من يجوز الخلف على الله تعالى في ميعاده، وهذه الآية وإن كانت واردة في حق الكفار إلا إن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، إذ بعمومه يتناول كل وعيد ورد في حق الفساق.
وجوابنا : أن الخلف غير، وتخصيص العموم غير، ونحن لا نقول بالخلف، ولكنا نخصص عمومات الوعيد بالآيات الدالة على العفو. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٩ صـ ٤٢ ـ ٤٤﴾


الصفحة التالية
Icon