والرابع : لكل أجل معين كتاب عند الملائكة الحفظة فللإنسان أحوال أولها نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم يصير شاباً ثم شيخاً، وكذا القول في جميع الأحوال من الإيمان والكفر والسعادة والشقاوة والحسن والقبح.
الخامس : كل وقت معين مشتمل على مصلحة خفية ومنفعة لا يعلمها إلا الله تعالى، فإذا جاء ذلك الوقت حدث ذلك الحادث ولا يجوز حدوثه في غيره.
واعلم أن هذه الآية صريحة في أن الكل بقضاء الله وبقدره وأن الأمور مرهونة بأوقاتها، لأن قوله :﴿لِكُلّ أَجَلٍ كِتَابٌ﴾ معناه أن تحت كل أجل حادث معين، ويستحيل أن يكون ذلك التعيين لأجل خاصية الوقت فإن ذلك محال، لأن الأجزاء المعروضة في الأوقات المتعاقبة متساوية، فوجب أن يكون اختصاص كل وقت بالحادث الذي يحدث فيه بفعل الله تعالى واختياره وذلك يدل على أن الكل من الله تعالى وهو نظير قوله عليه السلام :" جف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة "
المسألة الثانية :
﴿يَمْحُو الله مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ﴾ قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم ﴿وَيُثَبّتْ﴾ ساكنة الثاء خفيفة الباء من أثبت يثبت، والباقون بفتح الثاء وتشديد الباء من التثبيت، وحجة من خفف أن ضد المحو الإثبات لا التثبت.
ولأن التشديد للتكثير، وليس القصد بالمحو التكثير، فكذلك ما يكون في مقابلته، ومن شدد احتج بقوله :﴿وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً﴾ [ النساء : ٦٦ ] وقوله :﴿فَثَبّتُواْ﴾ [ الأنفال : ١٢ ].
المسألة الثالثة :
المحو ذهاب أثر الكتابة، يقال : محاه يمحوه محواً إذا أذهب أثره، وقوله :﴿وَيُثَبّتْ﴾ قال النحويون : أراد ويثبته إلا أنه استغنى بتعدية للفعل الأول عن تعدية الثاني، وهو كقوله تعالى :﴿والحافظين فُرُوجَهُمْ والحافظات﴾ [ الأحزاب : ٣٥ ].
المسألة الرابعة :
في هذه الآية قولان :
القول الأول : إنها عامة في كل شيء كما يقتضيه ظاهر اللفظ.


الصفحة التالية
Icon