قال : فيركبونها فهي أسرع من الطائر وأوطأ من الفراش نجباً من غير مهنة يسير الرجل إلى جنب أخيه وهو يكلمه ويناجيه لا تصيب أُذن راحلة منها إذن صاحبتها حتى إنّ الشجرة لتنتحي عن طرقهم فهم لا يفرقون بين الرجل وبين أخيه، قال : فيأتون إلى الرحمن الرحيم فيسفر لهم عن وجهه الكريم حتى ينظروا إليه فإذا رأوه، قالوا : اللهم أنت السلام ومنك السلام وأنت الجلال والإكرام، ويقول تبارك وتعالى عند ذلك : أنا السلام ومني السلام وعليكم حقت رحمتي ومحبتي مرحباً بعبادي الذين خشوني بالغيب وأطاعوا أمري، قال : فيقولون ربنا لم نعبدك حق عبادتك ولم نقدّرك حق قدرك فأذن لنا في السجود قدامك، قال : فيقول الله عزّ وجلّ : إنها ليست بدار نصب وعبادة ولكنها دار ملك ونعيم وإني قد رفعت عنكم نصب العبادة فسلوني ما شئتم فإنّ لكل رجل منكم أُمنيته، فيسألونه حتى إن أقصرهم أُمنيةً يقول : رب يتنافس أهل الدنيا في دنياهم فتضايقوا فيها فأتني مثل كل شيء كانوا فيه من يوم خلقتها إلى أن انتهت فيقول الله عزّ وجلّ : لقد قصرت بك أُمنيتك ولقد سألت دون منزلتك هذا لك منّي وسأُلحقك بمن أتى، لأنه ليس في عطائي تكديرٌ ولا تصدير.
قال : ثم يقول : أعرضوا على عبادي ما لم تبلغ أمانيهم ولم يخطر لهم على بال، فيعرضون عليهم حتى تقصر بهم أما نبيهم التي في أنفسهم فيكون فيما يعرضون عليهم براذين مقرنة على كل أربعة منهم سرير من ياقوتة واحدة على كل سرير منها قبة من ذهب مفرغة.
في كل قبة منها فرش من فرش الجنة مظاهرة في كل قبة منها جاريتان من الحور العين وعلى كل جارية منهن ثوبان من ثياب الجنة، وليس في الجنة لون إلاّ وهو فيهما ولا ريح طيب إلاّ وقد عبق بهما ينفذ ضوء وجوههما غلظ القبة حتى يظنّ من يراهما أنهما دون القبة يرى مخهما من فوق سقفهما، كالسلك الأبيض من ياقوتة حمراء.