فقال الفراء : هو ابتداء وخبر على قوله ﴿ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار ﴾ وقيل معنى المثل الصفة كقوله ﴿ وَلِلَّهِ المثل الأعلى ﴾ [ النحل : ٦٠ ] أي الصفة العليا وقوله ﴿ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التوراة وَمَثَلُهُمْ فِي الإنجيل ﴾ [ الفتح : ٢٩ ] ومجاز الآية صفة الجنة التي وعد المتقون أنّ الأنهار تجري من تحتها وكذا وكذا.
وقيل مثل وجه مجازها الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار، والعرب تفعل هذا كثيراً بالمثل والمثل كقوله ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ [ الشورى : ١١ ] أي ليس هو كشيء.
وقيل معناه :﴿ لِلَّذِينَ استجابوا لِرَبِّهِمُ الحسنى ﴾ [ الرعد : ١٨ ]. قيل الجنة [ بدل ] منها.
قال مقاتل : معناه شبه الجنة التي وعد المتقون في الخير والنعمة والخلود والبقاء كشبه النار [ في العذاب و ] الشدّة والكرب.
﴿ أُكُلُهَا دَآئِمٌ ﴾ لا ينقطع ولا يفنى ﴿ وِظِلُّهَا ﴾ ظليل لا يزال وهذا رد على الجهمية، حيث قالوا : إن نعيم الجنة يفنى ﴿ تِلْكَ عقبى ﴾ يعني ما فيه ﴿ الذين اتقوا ﴾ الجنة ﴿ وَّعُقْبَى الكافرين النار * والذين آتَيْنَاهُمُ الكتاب ﴾ يعني القرآن وهم أصحاب محمد ﴿ يَفْرَحُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ ﴾ من القرآن ﴿ وَمِنَ الأحزاب ﴾ يعني الكفار الذين كذبوا على رسول الله ﷺ وهم اليهود والنصارى ﴿ مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ ﴾ وذلك أنهم آمنوا بسورة يوسف وقالوا إنها واطأت كتابنا وهذا قول مجاهد وقتادة.
وقال باقي العلماء : كان ذكر الرحمن في القرآن قليلا في بدء ما أنزل فلما أسلم عبدالله. ابن سلام وأصحابه : ساءهم قلّة ذكر الرحمن في القرآن ؛ لأن ذكر الرحمن في التوراة كثير فسألوا رسول الله ﷺ في ذلك قوله الله تعالى ﴿ قُلِ ادعوا الله أَوِ ادعوا الرحمن ﴾ [ الإسراء : ١١٠ ] الآية.


الصفحة التالية
Icon