وأما القراءة الثانية : وهي قوله :﴿وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الكتاب﴾ على من الجارة فالمعنى : ومن لدنه علم الكتاب، لأن أحداً لا يعلم الكتاب إلا من فضله وإحسانه وتعليمه، ثم على هذه القراءة ففيه أيضاً قراءتان : ومن عنده علم الكتاب، والمراد العلم الذي هو ضد الجهل، أي هذا العلم إنما حصل من عند الله.
والقراءة الثانية : ومن عنده علم الكتاب بضم العين وبكسر اللام وفتح الميم على ما لم يسم فاعله، والمعنى : أنه تعالى لما أمر نبيه أن يحتج عليهم بشهادة الله تعالى على ما ذكرناه، وكان لا معنى لشهادة الله تعالى على نبوته إلا إظهار القرآن على وفق دعواه، ولا يعلم كون القرآن معجزاً إلا بعد الإحاطة بما في القرآن وأسراره، بين تعالى أن هذا العلم لا يحصل إلا من عند الله، والمعنى : أن الوقوف على كون القرآن معجزاً لا يحصل إلا إذا شرف الله تعالى ذلك العبد بأن يعلمه علم القرآن، والله تعالى أعلم بالصواب.
تم تفسير هذه السورة يوم الأحد الثامن عشر من شعبان سنة إحدى وستمائة.
وأنا ألتمس من كل من نظر في كتابي هذا وانتفع به، أن يخص ولدي محمداً بالرحمة والغفران، وأن يذكرني بالدعاء.
وأقول في مرثية ذلك الولد شعراً :
أرى معالم هذا العالم الفاني.. ممزوجة بمخافات وأحزان
خيراته مثل أحلام مفزعة.. وشره في البرايا دائم داني. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٩ صـ ٥٣ ـ ٥٦﴾


الصفحة التالية
Icon