ومعنى ﴿ أفلم ييأس ﴾ أفلم يعلم. وهذا لغة قوم من النخع. وقال الزجاج : إنه مجاز لأن اليائس عن الشيء عالم بأنه لا يكون نظيره استعمال الرجاء في معنى الخوف، والنسيان في معنى الترك لتضمنهما إياهما، ويؤيده قراءة علي عليه السلام وابن عباس وجماعة ﴿ أفلم يتبين ﴾ وهو تفسير ﴿ أفلم ييأس ﴾. وقيل : إن قراءتهم أصل والمشهورة تصحيف وقع من جهة أن الكاتب كتبه مستوي السينات. وهذا القول سخيف جداً والظن بأولئك الثقات الحفظة غير ذلك ولهذا قال في الكشاف : هذه والله فرية ما فيها مرية. وجوز أن يتعلق ﴿ أن لو يشاء ﴾ ب ﴿ آمنوا ﴾ معناه أفلم يقنط من إيمان هؤلاء الكفرة الذين آمنوا بأن لو يشاء الله لهدى الناس جميعاً. ثم أوعد الكافرين بقوله :﴿ ولا يزال الذين كفروا ﴾ يعني عامة الكفار ﴿ تصيبهم بما صنعوا ﴾ من كفرهم وسوء أعمالهم ﴿ قارعة ﴾ داهية تقرعهم من السبي والقتل ﴿ أو تحل ﴾ القارعة ﴿ قريباً من دارهم ﴾ فيتطاير إليهم شررها. ﴿ حتى يأتي وعد الله ﴾ وهو إسلامهم أو موتهم أو القيامة. وقيل : خاصة في أهل مكة، وكان رسول الله ﷺ لا يزال يبعث السرايا حول مكة فتغير عليهم وتختطف منهم، وعلى هذا احتمل أن يكون قوله :﴿ أو تحل ﴾ خطاباً أي تحل أنت يا محد قريباً من دراهم بجيشك كما في يوم الحديبية حتى يأتي وعد الله وهو فتح مكة، وكان قد وعده الله الفتح عموماً وخصوصاً وكان كما وعد وكان معجزاً ﴿ إن الله لا يخلف الميعاد ﴾ قد مر البحث في أول سورة آل عمران ثم ازداد في الوعيد فقال :﴿ ولقد استهزىء ﴾ الآية. والإملاء الإمهال وقد مر هناك. والاستفهام في قوله :﴿ فكيف كان عقاب ﴾ للتقرير والتهديد. ثم أورد على المشركين ما يجري مجرى الحجاج والتوبيخ والتعجب من عقولهم فقال :﴿ أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت ﴾ ومعنى القائم الحفيظ والرقيب أي الله العالم بكل المعلومات القادر على كل الممكنات كمن ليس كذلك. وجوز في الكشاف أن


الصفحة التالية
Icon