ثم ذكر عقائد الفرق في شأن القرآن المتلو فقال :﴿ والذين آتيناهم الكتاب ﴾ قيل : أراد بالكتاب القرآن يعني أن المسلمين ﴿ يفرحون بما أنزل إليك ﴾ من الشرائع والعلوم ﴿ ومن الأحزاب ﴾ الجماعات من اليهود والنصارى وغيرهم ﴿ من ينكر بعضه ﴾ لأنهم كانوا لا ينكرون الأقاصيص وبعض الأحكام المطابقة لشرائعهم وعقائدهم. وإنما أنكروا ما يختص به الإسلام من نعت الرسول وغيره قاله الحسن وقتادة. واعترض عليه بأن أهل الإسلام فرحهم بنزول القرآن معلوم فلا فائدة في ذكره. ويمكن أن يقال : المراد زيادة الفرح والاستبشار بما فيه من العلوم والفوائد وأنهم يتلقون نزول الوحي بالبشر والطلاقة لا بالتثاقل والجهالة. وقيل : الكتاب التوراة والإنجيل، والمراد من أسلم من اليهود كعبد الله بن سلام وكعب ومن أسلم من النصارى وهم ثمانون رجلاً : أربعون بنجران، واثنان وثلاثون بأرض الحبشة، وثمانية من أهل اليمن، فرحوا بالقرآن لأنهم آمنوا به وصدقوه، والأحزاب بقية أهل الكتاب والمشركون قاله ابن عباس. وقال مجاهد : أراد أن اليهود والنصارى كلهم يفرحون بما أنزل إليك لأنه مصدق لما معهم، ومن سائر الكفرة من ينكر بعضه. واعترض بأنهم كلهم لا يفرحون بكل ما أنزل رسولنا. وقوله :﴿ بما أنزل ﴾ يفيد العموم. وأجيب بالمنع من أن ما يفيد العموم لصحة الاستثناء ولصحة إدخال كل عليه ولا تكرير وإدخال بعض ولا نقص. ثم لما بين عقائد الفرق أمر نبيه بأن يصرح بطريقته فقال :﴿ قال إنما أمرت أن أعبد الله ﴾ ما أمرت إلا بعبادته وعدم الإشراك به ويندرج فيه جميع وظائف العبودية. ثم ذكر أنه مع كماله مكمل فقال :﴿ إليه أدعو ﴾ خصه بالدعاء إلى عبوديته دون غيره كائناً من كان. ثم ختم بذكر المعاد فقال :﴿ وإليه أدعو ﴾ لا مرجع لي إلا إليه.