وقال البيضاوى :
﴿ أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الحق ﴾
فيستجيب. ﴿ كَمَنْ هُوَ أعمى ﴾ عمى القلب لا يستبصر فيستجيب، والهمزة لإِنكار أن تقع شبهة في تشابههما بعدما ضرب من المثل. ﴿ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُو الألباب ﴾ ذوو العقول المبرأة عن مشايعة الألف ومعارضة الوهم.
﴿ الذين يُوفُونَ بِعَهْدِ الله ﴾ ما عقدوه على أنفسهم من الاعتراف بربوبيته حين قالوا بلى، أو ما عهد الله تعالى عليهم في كتبه. ﴿ وَلاَ يِنقُضُونَ الميثاق ﴾ ما وثقوه من المواثيق بينهم وبين الله تعالى وبين العباد وهو تعميم بعد تخصيص.
﴿ والذين يَصِلُونَ مَا أَمَرَ الله بِهِ أَن يُوصَلَ ﴾ من الرحم وموالاة المؤمنين والإيمان بجميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ويندرج في ذلك مراعاة جميع حقوق الناس. ﴿ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ﴾ وعيده عموماً. ﴿ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ ﴾ خصوصاً فيحاسبون أنفسهم قبل أن يحاسبوا.
﴿ وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ﴾ على ما تكرهه النفس ويخالفه الهوى. ﴿ ابتغاء وَجْهِ رَبِّهِمْ ﴾ طلباً لرضاه لا لجزاء وسمعة ونحوهما. ﴿ وَأَقَامُواْ الصلاة ﴾ المفروضة. ﴿ وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ ﴾ بعضه الذي وجب عليهم إنفاقه. ﴿ سِرّا ﴾ لمن لم يعرف بالمال. ﴿ وَعَلاَنِيَةً ﴾ لمن عرف به. ﴿ وَيَدْرَءُونَ بالحسنة السيئة ﴾ ويدفعونها بها فيجازون الإِساءة بالإِحسان، أو يتبعون السيئة الحسنة فتمحوها. ﴿ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عقبى الدار ﴾ عاقبة الدنيا وما ينبغي أن يكون مآل أهلها وهي الجنة، والجملة خبر الموصولات إن رفعت بالابتداء وإن جعلت صفات لأولي الألباب فاستئناف بذكر ما استوجبوا بتلك الصفات.


الصفحة التالية
Icon