﴿ وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الجبال ﴾ شرط حذف جوابه والمراد منه تعظيم شأن القرآن، أو المبالغة في عناد الكفرة وتصميمهم أي : ولو أن كتاباً زعزعت به الجبال عن مقارها. ﴿ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأرض ﴾ تصدعت من خشية الله عند قراءته أو شققت فجعلت أنهاراً وعيوناً. ﴿ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الموتى ﴾ فتسمع فتقرؤه، أو فتسمع وتجيب عند قراءته لكان هذا القرآن لأنه الغاية في الإِعجاز والنهاية في التذكير والإِنذار، أو لما آمنوا به كقوله :﴿ وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الملائكة ﴾ الآية. وقيل إن قريشاً قالوا يا محمد إن سرك أن نتبعك فسير بقرآنك الجبال عن مكة حتى تتسع لنا فنتخذ فيها بساتين وقطائع، أو سخر لنا به الريح لنركبها ونتجر إلى الشام، أو ابعث لنا به قصي بن كلاب وغيره من آبائنا ليكلمونا فيك، فنزلت. وعلى هذا فتقطيع الأرض قطعها بالسير. وقيل الجواب مقدم وهو قوله :﴿ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بالرحمن ﴾ وما بينهما اعتراض وتذكير ﴿ كلام ﴾ خاصة لاشتمال الموتى على المذكر الحقيقي. ﴿ بَل للَّهِ الأمر جَمِيعًا ﴾ بل لله القدرة على كل شيءٍ وهو إضراب عما تضمنته ﴿ لَوْ ﴾ من معنى النفي أي : بل الله قادر على الإتيان بما اقترحوه من الآيات إلا أن إرادته لم تتعلق بذلك، لعلمه بأنه لا تلين له شكيمتهم ويؤيد ذلك قوله :﴿ أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ عن إيمانهم مع ما رأوا من أحوالهم، وذهب أكثرهم إلى أن معناه أفلم يعلم لما روي أن علياً وابن عباس وجماعة من الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين قرؤوا "أفلم يتبين"، وهو تفسيره وإنما استعمل اليأس بمعنى العلم لأنه مسبب عن العلم، فإن الميئوس عنه لا يكون إلا معلوماً ولذلك علقه بقوله :﴿ أَن لَّوْ يَشَاءُ الله لَهَدَى الناس جَمِيعًا ﴾ فإن معناه نفي هدى بعض الناس لعدم تعلق المشيئة باهتدائهم، وهو على الأول متعلق بمحذوف تقديره أفلم ييأس الذين