﴿ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار ﴾ على طريقة قولك صفة زيد أسمر، أو على حذف موصوف أي مثل الجنة جنة تجري من تحتها الأنهار، أو على زيادة المثل وهو على قول سيبويه حال من العائد أو المحذوف أو من الصلة. ﴿ أُكُلُهَا دَائِمٌ ﴾ لا ينقطع ثمرها. ﴿ وِظِلُّهَا ﴾ أي وظلها كذلك لا ينسخ في الدنيا بالشمس ﴿ تِلْكَ ﴾ أي الجنة الموصوفة. ﴿ عقبى الذين اتقوا ﴾ مآلهم ومنتهى أمرهم. ﴿ وَّعُقْبَى الكافرين النار ﴾ لا غير، وفي ترتيب النظمين إطماع للمتقين وإقناط للكافرين.
﴿ والذين اتيناهم الكتاب يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ ﴾ يعني المسلمين من أهل الكتاب كابن سلام وأصحابه ومن آمن من النصارى وهم ثمانون رجلاً أربعون بنجران وثمانية باليمن واثنان وثلاثون بالحبشة، أو عامتهم فإنهم كانوا يفرحون بما يوافق كتبهم. ﴿ وَمِنَ الأحزاب ﴾ يعني كفرتهم الذين تحزبوا على رسول الله ﷺ بالعداوة ككعب بن الأشرف وأصحابه والسيد والعاقب وأشياعهما. ﴿ مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ ﴾ وهو ما يخالف شرائعهم أو ما يوافق ما حرفوه منها. ﴿ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ الله وَلا أُشْرِكَ بِهِ ﴾ جواب المنكرين أي قل لهم إني أمرت فيما أنزل إلي بأن أعبد الله وأوحده، وهو العمدة في الدين ولا سبيل لكم إلى إنكاره، وأما ما تنكرونه لما يخالف شرائعكم فليس ببدع مخالفة الشرائع والكتب الإِلهية في جزئيات الأحكام. وقرىء ﴿ وَلاَ أُشْرِكُ ﴾ بالرفع على الاستئناف. ﴿ إِلَيْهِ ادعوا ﴾ لا إلى غيره. ﴿ وَإِلَيْهِ مَآبِ ﴾ وإليه مرجعي للجزاء لا إلى غيره، وهذا هو القدر المتفق عليه بين الأنبياء، وأما ما عدا ذلك من التفاريع فمما يختلف بالأعصار والأمم فلا معنى لإنكاركم المخالفة فيه.