والثاني : يبارك له في عمره فكأنه قد زيد فيه. وعن ابن عمرو بن العاص قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول :"ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا انقطعت رحمه وصلها". وعن رسول الله ﷺ أنه قال :"تأتي يوم القيامة لها ألسنة ذلقة الرحم فتقول : أي : رب قطعت والأمانة تقول : أي رب تركت والنعمة تقول : أي : رب كفرت". وعن الفضيل بن عياض أنّ جماعة دخلوا عليه بمكة فقال : من أين أنتم؟ فقالوا : من خراسان. قال : اتقوا الله وكونوا من حيث شئتم، واعلموا أنّ العبد لو أحسن كل الإحسان وكان له دجاجة، فأساء إليها لم يكن من المحسنين.
﴿ويخشون ربهم﴾، أي : وعيده عموماً، والخشية خوف يشوبه تعظيم ﴿ويخافون سوء الحساب﴾ خصوصاً فيحاسبون أنفسهم قبل أن يحاسبوا ﴿والذين صبروا﴾، أي : على طاعة الله تعالى وعن معاصيه وفي كل ما ينبغي الصبر فيه. وقال ابن عباس : صبروا على أمر الله. وقال عطاء : على المصائب والنوائب. وقيل : صبروا عن الشهوات وعن المعاصي، ومرجع الكل واحد فإنّ الصبر الحبس، وهو تجرع مرارة منع النفس عما تحب مما لا يجوز فعله ﴿ابتغاء﴾، أي : طلب ﴿وجه ربهم﴾، أي : رضاه لا طلب غيره من جور أو سمعة أو رياء أو لغرض من أغراض الدنيا أو نحو ذلك ﴿وأقاموا الصلاة﴾، أي : المفروضة، وقيل : مطلق الصلاة، فيدخل فيه الفرض والنفل.