وهذه اللمحة البارزة تكشف لأصحاب الدعوة إلى الله عن طبيعة منهج هذه الدعوة التي لا يجوز لهم الاجتهاد فيها! وهي أن عليهم أن يجهروا بالحقائق الأساسية في هذا الدين، وألا يخفوا منها شيئاً، وألا يؤجلوا منها شيئاً.. وفي مقدمة هذه الحقائق : أنه لا ألوهية ولا ربوبية إلا لله. ومن ثم فلا دينونة ولا طاعة ولا خضوع ولا اتباع إلا لله.. فهذه الحقيقة الأساسية يجب أن تعلن أياً كانت المعارضة والتحدي ؛ وأياً كان الإعراض من المكذبين والتولي ؛ وأياً كانت وعورة الطريق وأخطارها كذلك.. وليس من " الحكمة والموعظة الحسنة " إخفاء جانب من هذه الحقيقة أو تأجليه، لأن الطواغيت في الأرض يكرهونه أو يؤذون الذين يعلنونه! أو يعرضون بسببه عن هذا الدين، أو يكيدون له وللدعاة إليه! فهذا كله لا يجوز أن يجعل الدعاة إلى هذا الدين يكتمون شيئاً من حقائقه الأساسية أو يؤجلونه ؛ ولا أن يبدأوا مثلاً من الشعائر والأخلاق والسلوك والتهذيب الروحي، متجنبين غضب طواغيت الأرض لو بدأوا من إعلان وحدانية الألوهية والربوبية، ومن ثم توحيد الدينونة والطاعة والخضوع والاتباع لله وحده!
إن هذا لهو منهج الحركة بهذه العقيدة كما أراده الله سبحانه ؛ ومنهج الدعوة إلى الله كما سار بها سيدنا محمد ﷺ بتوجيه من ربه.
. فليس لداع إلى الله أن يتنكب هذا الطريق ؛ وليس له أن ينهج غير ذلك المنهج.. والله بعد ذلك متكفل بدينه، وهو حسب الدعاة إلى هذا الدين وكافيهم شر الطواغيت!