وهذا هو موقفنا من نتاج الفكر غير الإسلامي بجملته فيما عدا المادية البحته وتطبيقاتها العملية مما قصده رسول الله ﷺ بقوله :" أنتم أعلم بشؤون دنياكم " فإنه ما ينبغي قط لمسلم يعرف هدى الله ويعرف هذا الحق الذي جاء به رسول الله، أن يقعد مقعد التلميذ الذي يتلقى من أي إنسان لم يستجب لهذا الهدى ولم يعلم أنه الحق.. فهو أعمى بشهادة الله سبحانه.. ولن يرد شهادة الله مسلم.. ثم يزعم بعد ذلك أنه مسلم!!!
إنه لا بد لنا أن نأخذ هذا الدين مأخذ الجد ؛ وأن نأخذ تقريراته هذه مأخذ الجزم.. وكل تميع في مثل هذه القضية هو تميع في العقيدة ذاتها ؛ إن لم يكن هو رد شهادة الله سبحانه وهو الكفر البواح في هذه الصورة!
وأعجب العجب أن ناساً من الناس اليوم يزعمون أنهم مسلمون ؛ ثم يأخذون في منهج الحياة البشرية عن فلان وفلان من الذين يقول عنهم الله سبحانه : إنهم عمي. ثم يظلون يزعمون بعد ذلك أنهم مسلمون!
إن هذا الدين جد لا يحتمل الهزل، وجزم لا يحتمل التميع، وحق في كل نص فيه وفي كل كلمة.. فمن لم يجد في نفسه هذا الجد وهذا الجزم وهذه الثقة فما أغنى هذا الدين عنه. والله غني عن العالمين!
وما يجوز أن يثقل الواقع الجاهلي على حس مسلم، حتى يتلقى من الجاهلية في منهج حياته ؛ وهو يعلم أن ما جاءه به محمد ﷺ هو الحق ؛ وأن الذي لا يعلم أن هذا هو الحق ﴿ أعمى ﴾. ثم يتبع هذا الأعمى، ويتلقى عنه، بعد شهادة الله سبحانه وتعالى..
وأخيراً نقف أمام المعلم الأخير من المعالم التي تقيمها هذه السورة لهذا الدين..
إن هناك علاقة وثيقة بين الفساد الذي يصيب حياة البشر في هذه الأرض وبين ذلك العمى عن الحق الذي جاء من عند الله لهداية البشر إلى الحق والصلاح والخير.