إن المسلم يرفض بحكم إيمانه بالله وعلمه بأن ما أنزل على محمد هو الحق كل منهج للحياة غير منهج الله ؛ وكل مذهب اجتماعي أو اقتصادي ؛ وكل وضع كذلك سياسي ؛ غير المنهج الوحيد، والمذهب الوحيد، والشرع الوحيد الذي سنه الله وارتضاه للصالحين من عباده.
ومجرد الاعتراف بشرعية منهج أو وضع أو حكم من صنع غير الله، هو بذاته خروج من دائرة الإسلام لله ؛ فالإسلام لله هو توحيد الدينونة له دون سواه.
إن هذا الاعتراف فوق أنه يخالف بالضرورة مفهوم الإسلام الأساسي، فهو في الوقت ذاته يسلم الخلافة في هذه الأرض للعُمي الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه، ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض.. فهذا الفساد في الأرض مرتبط كل الارتباط بقيادة العُمي!..
ولقد شقيت البشرية في تاريخها كله ؛ وهي تتخبط بين شتى المناهج وشتى الأوضاع وشتى الشرائع بقيادة أولئك العُمي، الذين يلبسون أردية الفلاسفة والمفكرين والمشرعين والسياسيين على مدار القرون. فلم تسعد قط ؛ ولم ترتفع " إنسانيتها " قط، ولم تكن في مستوى الخلافة عن الله في الأرض قط، إلا في ظلال المنهج الرباني في الفترات التي فاءت فيها إلى ذلك المنهج القويم.
هذه بعض المعالم البارزة في هذه السورة، وقفنا عندها هذه الوقفات التي لا تبلغ مداها، ولكنها تشير إليها.
والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.. أ هـ ﴿الظلال حـ ٤ صـ ٢٠٥٦ ـ ٢٠٧٦﴾


الصفحة التالية
Icon