ظل افساد الإنسان للبيئة علي سطح الأرض بدأ زحف الصحاري علي مساحات كبيرة من الأرض الخضراء، وذلك بالرعي الجائر، واقتلاع الأشجار، وتحويل الأراضي الزراعية إلي أراض للبناء، وندرة المياه نتيجة لموجات الجفاف والجور علي مخزون المياه تحت سطح الأرض، وتملح التربة، وتعريتها بمعدلات سريعة تفوق بكثير محاولات استصلاح بعض الأراضي الصحراوية، أضف إلي ذلك التلوث البيئي، والخلل الاقتصادي في الأسواق المحلية والعالمية، وتذبذب أسعار كل من الطاقة والآلات والمحاصيل الزراعية مما يجعل العالم يواجه أزمة حقيقية تتمثل في انكماش المساحات المزروعة سنويا بمعدلات كبيرة خاصة في المناطق القارية وشبه القارية نتيجة لزحف الصحاري عليها، ويمثل ذلك صورة من صور خراب الأرض بإنقاصها من أطرافها.
هذه المعاني الستة ( منفردة أو مجتمعة ) تعطي بعدا علميا رائعا لمعني انقاص الأرض من أطرافها، ولا يتعارض ذلك أبدا مع الدلالة المعنوية للتعبير، بمعني خراب الأرض الذي استنتجه المفسرون، بل يكمله ويجليه. وعلي عادة القرآن الكريم تأتي الاشارة الكونية بمضمون معنوي محدد، ولكن بصياغة علمية معجزة، تبلغ من الشمول والكمال والدقة ما لم يبلغه علم الإنسان، فسبحان الذي أنزل من قبل ألف وأربعمائة سنة هذه الإشارة العلمية الدقيقة إلي حقيقة إنقاص الأرض من أطرافها، وهي حقيقة لم يدرك الإنسان شيئا من دلالاتها العلمية إلا منذ عقود قليلة، وقد يري فيها القادمون فوق ما نراه نحن اليوم، ليظل القرآن الكريم مهيمنا علي المعرفة الانسانية مهما اتسعت دوائرها، وتظل آياته الكونية شاهدة بإستمرار علي أنه كلام الله الخالق، وشاهدة للنبي الخاتم والرسول الخاتم الذي تلقاه بأنه ( صلي الله عليه وسلم ) كان موصولا بالوحي، ومعلما من قبل خالق السماوات والأرض. أ هـ ﴿ الإشارات الكونية في القرآن الكريم ومغزي دلالتها العلمية.
بقلم الدكتور : زغلول النجار ﴾.