وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال :" قدم على رسول الله ﷺ أسقف من اليمن فقال له عليه الصلاة والسلام : هل تجدني في الإنجيل رسولاً؟ قال : لا " فأنزل الله تعالى الآية، فالمراد من الذين كفروا على هذا هذا ومن وافقه ورضي بقوله، وصيغة الاستقبال لاستحضار صورة كلمتهم الشنعاء تعجيباً منها أو للدلالة على تجدد ذلك منهم واستمراره ﴿ قُلْ كفى بالله شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ﴾ فإنه جل وعلا قد أظهر على رسالتي من الأدلة والحجج ما فيه غني عن شهادة شاهد آخر، وتسمية ذلك شهادة مع أنه فعل وهي قول مجاز من حيث أنه يغني غناها بل هو أقوى منها ﴿ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الكتاب ﴾ أي علم القرآن وما عليه من النظم المعجز، قيل : والشهادة إن أريد بها تحملها فالأمر ظاهر وإن أريد أداؤها فالمراد بالموصول المتصف بذلك العنوان من ترك العناد وآمن.
وفي "الكشف" أن المعنى كفى هذا العالم شهيداً بيني وبينكم، ولا يلزم من كفايته في الشهادة أن يؤديها فمن أداها فهو شاهد أمين ولم لم يؤدها فهو خائن، وفيه تعريض بليغ بأنهم لو أنصفوا شهدوا، وقيل : المراد ﴿ بالكتاب ﴾ التوراة والإنجيل، والمراد بمن عنده علم ذلك الذين أسلموا من أهل الكتابين كعبد الله بن سلام.
وإضرابه فإنهم يشهدون بنعته عليه الصلاة والسلام في كتابهم وإلى هذا ذهب قتادة، فقد أخرج عبد الرزاق.
وابن جرير.
وابن المنذر عنه أنه قال في الآية : كان من أهل الكتاب قوم يشهدون بالحق ويعرفونه منهم عبد الله بن سلام.
والجارود.
وتميم الداري.
وسلمان الفارسي، وجاء عن مجاهد.
وغيره وهي رواية عن ابن عباس أن المراد بذلك عبد الله ولم يذكروا غيره.
وأخرج ابن مردويه من طريق عبد الملك بن عمير عن جندب قال : جاء عبد الله بن سلام حتى أخذ بعضادتي باب المسجد ثم قال : أنشدكم بالله تعالى أتعلمون أني الذي أنزلت فيه ﴿ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الكتاب ﴾ ؟ قالوا : اللهم نعم.