والباقر كما في "البحر" : المراد ﴿ بِمَنِ ﴾ علي كرم الله تعالى وجهه، والظاهر أن المراد ﴿ بالكتاب ﴾ حينئذٍ القرآن، ولعمري أن عنده رضي الله تعالى عنه علم الكتاب كملاً لكن الظاهر أنه كرم الله تعالى وجهه غير مراد، والظاهر أن ﴿ مِنْ ﴾ في قراءة الجمهور في محل جر بالعطف على لفظ الاسم الجليل، ويؤيده أنه قرىء بإعادة الباء في الشواذ، وقيل : إنه في محل رفع بالعطف على محله لأن الباء زائدة، وقال ابن عطية : يحتمل أن يكون في موضع رفع على الإبتداء والخبر محذوف تقديره أعدل أو أمضى قولاً أو نحو هذا مما يدل عليه لفظ ﴿ شَهِيداً ﴾ ويراد بذلك الله تعالى، وفيه من البعد ما لا يخفى، والعلم في القراءة التي وقع ﴿ عِندَهُ ﴾ فيها صلة مرفوع بالمقدر في الظرف ؛ فيكون فاعلاً لأن الظرف إذا وقع صلة أو غل في شبه الفعل لاعتماده على الموصول فعمل عمل الفعل كقولك : مررت بالذي في الدار أخوه فأخوه فاعل كما تقول : بالذي استقر في الدار أخوه قاله الزمخشري، وليس بالمتحتم لأن الظرف وشبهه إذا وقعا صلتين أو صفتين أو حالين أو خبرين أو تقدمهما أداة نفي أو استفهام جاز فيما بعدهما من الاسم الظاهر أن يرتفع على الفاعلية وهو الأجوز وجاز أن يكون مبتدأ والظرف أو شبهه في موضع الخبر والجملة من المبتدا والخبر صلة أو صفة أو حال أو خبر، وهذا مبني على اسم الفاعل فكما جاز ذلك فيه وإن كان الأحسن أعماله في الاسم الظاهر فكذلك يجوز فميا ناب عنه من ظرف أو مجرور، وقد نص سيبويه على إجازة ذلك في نحو مررت برجل حسن وجهه فأجاز رفع حسن على أنه خبر مقدم، وقد توهم بعضهم أن اسم الفاعل إذا اعتمد على شيء مما ذكر تحتم أعماله في الظاهر وليس كذلك، وقد أعرب الحوفي ﴿ عِندَهُ عِلْمُ الكتاب ﴾ مبتدأ وخبراً في صلة ﴿ مِنْ ﴾ وهو ميل إلى المرجوح، وفي الآية على القراءتين بمن الجارة دلالة على أن تشريف العبد بعلوم القرآن من إحسان الله تعالى إليه وتوفيقه،