﴿ أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ﴾ أي : أرض الكفرة، ننقصها عليهم بإظهار دين الإسلام في أطراف ممالكهم.
قال ابن عباس : أي : أولم يروا أنا نفتح للرسول الأرض بعد الأرض ؛ يعني أن انتقاص أحوال الكفرة وازدياد قوة المسلمين من أقوى العلامات على أنه تعالى ينجز وعده، ونظيره قوله تعالى :﴿ أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ [ الأنبياء : من الآية ٤٤ ]، وقوله :﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ ﴾ [ فصلت : من الآية ٥٣ ].
قال الشهاب : هذا مرتبط بما قبله. يعني لم يؤخر عذابهم لإهمالهم، بل لوقته المقدر، أوَ مَا تَرَى نقص ما في أيديهم من البلاد وزيادة ما لأهل الإسلام، ولم يخاطب النبي ﷺ به تعظيماً له، وخاطبهم تهويلاً وتنبيهاً عن سنة الغفلة. ومعنى :﴿ نَأْتِي الأَرْضَ ﴾ يأتيها أمرنا وعذابنا. انتهى.
وقيل :﴿ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ﴾ بموت أهلها وتخريب ديارهم وبلادهم. فهؤلاء الكفرة كيف أمنوا من أن يحدث فيهم أمثال هذه الوقائع ؟.
تنبيه :
يذكرون - ها هنا - رواية عن ابن عباس ومجاهد : أن نقصها من أطرافها هو موت علمائها وفقهائها وأهل الخير منها. ويؤيد من يعتمد ذلك بأن الجوهري حكى عن ثعلب : أن الأطراف يطلق على الأشراف، جمع طرف وهو الرجل الكريم، وشاهده قول الفرزدق :
~واسأل بنا وبكم إذا وردت منى أطراف كل قبيلة من يتبع


الصفحة التالية
Icon