وفي الآية إيماء إلى أن العذاب الذي يحل بالمكذبين لرسوله ﷺ عذاب قاصر على المكذبين لا يصيب غير المكذب لأنه استئصال بالسيف قابل للتجزئة واختلاف الأزمان رحمةً من الله بأمة محمد صلى الله عليه وسلم
و﴿ على ﴾ في قوله :﴿ عليك البلاغ وعلينا الحساب ﴾ مستعملة في الإيجاب والإلزام، وهو في الأول حقيقة وفي الثاني مجاز في الوجوب لله بالتزامه به.
و﴿ إنما ﴾ للحصر، والمحصور فيه هو البلاغ لأنه المتأخر في الذكر من الجملة المدخولة لِحرف الحصر، والتقدير : عليك البلاغ لا غيره من إنزال الآيات أو من تعجيل العذاب، ولهذا قدم الخبر على المبتدأ لتعيين المحصور فيه.
وجملة ﴿ وعلينا الحساب ﴾ عطف على جملة ﴿ عليك البلاغ ﴾ فهي مدخولة في المعنى لحرف الحصر.
والتقدير : وإنما علينا الحساب، أي محاسبتهم على التكذيب لا غير الحساب من إجابة مقترحاتهم.
﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (٤١) ﴾
عطف على جملة ﴿ وإما نرينك بعض الذي نعدهم ﴾ [ الرعد : ٤٠ ] المتعلقة بجملة لكل أجل كتاب }.
عقبت بهذه الجملة لإنذار المكذبين بأن ملامح نصر النبي ﷺ قد لاحت وتباشير ظَفَره قد طلعت ليتدبروا في أمرهم، فكان تعقيب المعطوف عليها بهذه الجملة للاحتراس من أن يتوهموا أن العقاب بطيء وغيرُ واقع بهم.
وهي أيضاً بشارة للنبيء ﷺ بأن الله مظهر نصره في حياته وقد جاءت أشراطه، فهي أيضاً احتراس من أن ييأس النبي ﷺ من رؤية نصره مع علمه بأن الله متم نوره بهذا الدّين.
والاستفهام في ﴿ أولم يروا أنا ﴾ إنكاري، والضمير عائد إلى المكذبين العائد إليهم ضمير ﴿ نعدهم ﴾.
والكلام تهديد لهم بإيقاظهم إلى ما دب إليهم من أشباح الاضمحلال بإنقاص الأرض، أي سكانها.
والرؤية يجوز أن تكون بصرية.