ولما كان ذلك كذلك، تسبب عنه أن يقال :﴿فلله﴾ أي الملك الأعظم المحيط علمه وقدرته خاصة ﴿المكر جميعاً﴾ والمكر : الفتل عن البغية بطريق الحيلة، ويلزمه الستر - كما مضى بيانه، ولا شيء أستر عن العباد من أفعاله تعالى : فلا طريق لهم إلى علمها إلا من جهته سبحانه، وسمي فعله مكراً مجازاً لأنه ناشىء عن مكرهم جزاء لهم ؛ ثم علل ذلك بقوله :﴿يعلم﴾ ويجوز أن يكون تفسيراً لما قبله، لأن علم المكر من الماكر مكن حيث لا يشعر أدق المكر ﴿ما تكسب كل نفس﴾ أي من مكر وغيره، فيجازيهم إذا أراد بأن ينتج عن كل سبب أقاموه مسبباً يكون ضد ما أرادوا، ولا تمكنهم إرادة شيء إلا بإرادته، فستنظرون ماذا يحل بهم من بأسه بواسطتكم أو بغيرها حتى تظفروا بهم فتبيدوهم أجمعين ﴿وسيعلم الكافر﴾ أي كل كافر بوعد لا خلف فيه، إن كان من الجهل بحيث لا يعلم الأشياء إلا بالتصريح أو الحس ﴿لمن عقبى الدار﴾ حين نأتيهم ضد مرادهم ؛ والكسب : الفعل لاجتلاب النفع أو دفع الضر.


الصفحة التالية
Icon