و سنأتي على بحث إسكان إسماعيل في مكة في الآية المذكورة من سورة البقرة إن شاء اللّه "وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ" ويحيط بهم "فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا" أنفسهم إذ ذاك "رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ" أي ردنا إلى الدنيا وأمهلنا فيها مدة قليلة "نُجِبْ دَعْوَتَكَ" التي أمرت بها "وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ" الذين أرسلتهم فأجابهم ربهم "أَ وَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ" حينما كنتم في الدنيا وقلتم فيما بينكم فيها "ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ" ٤٤ من مصيركم الذي دفنتم فيه إذا متم أي تبقون ميتين وأنكرتم النشور والحساب "وَسَكَنْتُمْ" فيها "فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ" من الكفرة أمثالكم "وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ" من الإهلاك والتدمير بسبب إنكارهم البعث "وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ" ٤٥ بأفعالهم وبما فعل بهم لتتعظوا وترجعوا عن غيكم، فأبيتم ولم ينجع بكم إرسال الرسل ولا نصحهم وإرشادهم "وَقَدْ مَكَرُوا" الذين سكنوا مساكن الظالمين "مَكْرَهُمْ" مثل الظالمين المذكورين "وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ" ثابت بعلمه الأزلي قبل إحداثه منهم وقبل خلقهم "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ" ٤٦ إن هنا وصلية أي وإن كان مكرهم في غاية الشدة ونهاية المتابة، فإنه مبطله في الدنيا ومجازيهم عليه في الآخرة.
وتكون إن هنا بمعنى ما، أي ما كان مكرهم لإزالة الجبال، لأن اللام فيه مفتوحة وهي لام كي، ولذلك صارت اللام الأخيرة مفتوحة لنصبها بها، ويجوز أن تكون مخففة من الثقيلة، واللام في لتزول لام التأكيد، أي مكروا ليزيلوا ما هو كالجبال في الثبوت.
وقرأ بعضهم بفتح اللام الأولى وضم الثانية على الفاعلية، وتكون فيها إن مخففة من الثقيلة ايضا، واللام للتوكيد.
وقرىء بفتح اللامين على لغة من فتح لام كي وهي شاذة.


الصفحة التالية
Icon