ويقرر السياق أن الإنسان في عمومه لا يشكر النعمة حق الشكر:
(وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار)..
ولكن الذين يتدبرون آيات الله، وتتفتح لها بصائرهم يصبرون على البأساء ويشكرون على النعماء:
(إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور).
ويمثل الصبر والشكر في شخص إبراهيم في موقف خاشع، وفي دعاء واجف، عند بيت الله الحرام، كله حمد وشكر وصبر ودعاء.
(وإذ قال إبراهيم: رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام. رب إنهن أضللن كثيرا من الناس، فمن تبعني فإنه مني، ومن عصاني فإنك غفور رحيم. ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم. ربنا ليقيموا الصلاة، فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون. ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن، وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء. الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق إن ربي لسميع الدعاء. رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي، ربنا وتقبل دعاء، ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب)..
ولأن النعمة والشكر عليها والكفر بها تطبع جو السورة تجيء التعبيرات والتعليقات فيها متناسقة مع هذا الجو:
(وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون)..
(إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور)..
(ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار)..
(اذكروا نعمة الله عليكم)..
(الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق)..
وفي رد الأنبياء على اعتراض المكذبين بأنهم بشر يجيء:
(ولكن الله يمن على من يشاء من عباده)..
فيبرز منة الله تنسيقا للرد مع جو السورة كله. جو النعمة والمنة والشكر والكفران..
وهكذا يتساوق التعبير اللفظي مع ظلال الجو العام في السورة كلها على طريقة التناسق الفني في القرآن..
وتنقسم السورة إلى مقطعين متماسكي الحلقات:


الصفحة التالية
Icon