واعلم أن التوكل في الآية الأولى بقصد إحداثه وفي هذه بقصد التثبت عليه، فلا يعد تكرارا "وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ" لما رأوهم مثابرين على دعوتهم إلى دينهم دين اللّه الواحد وأنهم أقسموا على الصبر فيما يلاقونه من أذى في سبيل دعوتهم "لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا" بلادنا وقرانا "أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا" كما كنتم قبل ادعائكم النبوة والرسالة، وذلك أنهم كانوا قبل لم يأمروهم بتركها ولم يخالفوهم في شيء مما هم عليه، وإلا فهم نشأوا على التوحيد من حين فصالهم كسائر الأنبياء، وكانوا قبل أمرهم بالدعوة كأنهم منهم "فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ" ١٣ الذين كذبوكم وأمروكم بالعودة إلى دينهم.
ونظير هذه الآية الآية ٨٨ من سورة الأعراف المارة في ج ١، "وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ" التي يريدون إخراجكم منها "مِنْ بَعْدِهِمْ ذلِكَ" الوعيد بإهلاكهم والوعد بإحلالكم محلّهم حق ثابت "لِمَنْ خافَ مَقامِي" الوقوف بين يدي في الآخرة "وَخافَ وَعِيدِ" ١٤ بالعذاب