قال القاضي أبو محمد : واحتج من ذهب إلى أن موسى بعث إلى جميعهم بقوله تعالى في غير آية ﴿ إلى فرعون وملئه ﴾ [ الأعراف : ١٠٣ ]، و﴿ إلى فرعون وقومه ﴾ [ النمل : ١٢ ] والله أعلم.
وقوله :﴿ وذكرهم ﴾ الآية. أمر الله عز وجل موسى أن يعظ قومه بالتهديد بنقم الله التي أحلها بالأمم الكافرة قبلهم وبالتعديد لنعمه عليهم في المواطن المتقدمة، وعلى غيرهم من أهل طاعته ليكون جريهم على منهاج الذين أنعم عليهم وهربهم من طريق الذين حلت بهم النقمات، وعبر عن النعم والنقم ب " الأيام " إذ هي في أيام، وفي هذه العبارة تعظيم هذه الكوائن المذكور بها، ومن هذا المعنى قولهم : يوم عصيب، ويوم عبوس، ويوم بسام، وإنما الحقيقة وصف ما وقع فيه من شدة أو سرور. وحكى الطبري عن فرقة أنها قالت :﴿ أيام الله ﴾ : نعمه : وعن فرقة أنها قالت :﴿ أيام الله ﴾ : نقمه.
قال القاضي أبو محمد : ولفظة " الأيام " تعم المعنيين، لأن التذكير يقع بالوجهين جميعاً.
وقوله :﴿ لكل صبار شكور ﴾ إنما أراد لكل مؤمن ناظر لنفسه، فأخذ من صفات المؤمن صفتين تجمع أكثر الخصال وتعم أجمل الأفعال.
﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ﴾
هذا من التذكير بأيام الله في النعم، وكان يوم الإنجاء عظيماً لعظم الكائن فيه، وقد تقدم تفسير هذه الآية وقصصها بما يغني عن إعادته، غير أن في هذه الآية زيادة الواو في قوله :﴿ ويذبحون ﴾ وفي البقرة :﴿ يذبحون ﴾ [ البقرة : ٤٩ ] - بغير واو عطف. فهناك فسر سوء العذاب بأنه التذبيح والاستحياء، وهنا دل بسوء العذاب على أنواع غير التذبيح والاستحياء، وعطف التذبيح والاستحياء عليها.
وقرأ ابن محيصن :" ويَذبَحون " بفتح الياء والباء مخففة.