الآية دالة على أن طرق الكفر والبدعة كثيرة وأن طريق الخير ليس إلا الواحد، لأنه تعالى قال :﴿لِتُخْرِجَ الناس مِنَ الظلمات إِلَى النور﴾ فعبر عن الجهل والكفر بالظلمات وهي صيغة جمع وعبر عن الإيمان والهداية بالنور وهو لفظ مفرد، وذلك يدل على أن طرق الجهل كثيرة، وأما طريق العلم والإيمان فليس إلا الواحد.
المسألة الثامنة :
في قوله تعالى :﴿إلى صِرَاطِ العزيز الحميد﴾ وجهان الأول : أنه بدل من قوله إلى النور بتكرير العامل كقوله :﴿لِلَّذِينَ استضعفوا لِمَنْ ءامَنَ مِنْهُمْ﴾ [ الأعراف : ٧٥ ] الثاني : يجوز أن يكون على وجه الاستئناف كأنه قيل : إلى أي نور فقيل :﴿إلى صِرَاطِ العزيز الحميد ﴾.
المسألة التاسعة :
قالت المعتزلة : الفاعل إنما يكون آتياً بالصواب والصلاح، تاركاً للقبيح والعبث إذا كان قادراً على كل المقدورات عالماً بجميع المعلومات غنياً عن كل الحاجات، فإنه إن لم يكن قادراً على الكل فربما فعل القبيح بسبب العجز، وإن لم يكن عالماً بكل المعلومات فربما فعل القبيح بسبب الجهل، وإن لم يكن غنياً عن كل الحاجات فربما فعل القبيح بسبب الحاجة، أما إذا كان قادراً على الكل عالماً الكل غنياً عن الكل امتنع منه الإقدام على فعل القبيح، فقوله :﴿العزيز﴾ إشارة إلى كمال القدرة، وقوله :﴿الحميد﴾ إشارة إلى كونه مستحقاً للحمد في كل أفعاله، وذلك إنما يحصل إذا كان عالماً بالكل غنياً عن الكل فثبت بما ذكرنا أن صراط الله إنما كان موصوفاً بكونه شريفاً رفيعاً عالياً لكونه صراطاً مستقيماً للإله الموصوف بكونه عزيزاً حميداً، فلهذا المعنى : وصف الله نفسه بهذين الوصفين في هذا المقام.
المسألة العاشرة :


الصفحة التالية
Icon