فصل
قال الفخر :
﴿ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ﴾
اعلم أن أولئك الكفار لما قالوا للرسل ﴿وَإِنَّا لَفِى شَكّ مّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ﴾ [ إبراهيم : ٩ ].
قالت رسلهم : وهل تشكون في الله، وفي كونه فاطر السموات والأرض وفاطراً لأنفسنا وأرواحنا وأرزاقنا وجميع مصالحنا وإنا لا ندعوكم إلا إلى عبادة هذا الإله المنعم ولا نمنعكم إلا عن عبادة غيره وهذه المعاني يشهد صريح العقل بصحتها، فكيف قلتم : وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب ؟ وهذا النظم في غاية الحسن.
وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى :
قوله :﴿أَفِى الله شَكٌّ﴾ استفهام على سبيل الإنكار، فلما ذكر هذا المعنى أردفه بالدلالة الدالة على وجود الصانع المختار، وهو قوله :﴿فَاطِرِ السموات والأرض﴾ وقد ذكرنا في هذا الكتاب أن وجود السموات والأرض كيف يدل على احتياجه إلى الصانع المختار الحكيم مراراً وأطواراً فلا نعيدها ههنا.
المسألة الثانية :
قال صاحب "الكشاف" : أدخلت همزة الإنكار على الظرف، لأن الكلام ليس في الشك إنما هو في أن وجود الله تعالى لا يحتمل الشك، وأقول من الناس من ذهب إلى أنه قبل الوقوف على الدلائل الدقيقة فالفطرة شاهدة بوجود الصانع المختار، ويدل على أن الفطرة الأولية شاهدة بذلك وجوه :