أمروا أنفسهم بالتوكل على الله في قوله ﴿وَمَا لَنَا ألاّ نَتَوَكَّلَ عَلَى الله﴾ ثم لما فرغوا من أنفسهم أمروا أتباعهم بذلك وقالوا :﴿وَعَلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ المتوكلون﴾ وذلك يدل على أن الآمر بالخير لا يؤثر قوله إلا إذا أتى بذلك الخير أولاً، ورأيت في كلام الشيخ أبي حامد الغزالي رحمه الله فصلاً حسناً وحاصله : أن الإنسان إما أن يكون ناقصاً أو كاملاً أو خالياً عن الوصفين، أما الناقص فإما أن يكون ناقصاً في ذاته ولكنه لا يسعى في تنقيص حال غيره، وإما أن يكون ناقصاً ويكون مع ذلك ساعياً في تنقيص حال الغير، فالأول : هو الضال، والثاني : هو الضال المضل، وأما الكامل فإما أن يكون كاملاً ولا يقدر على تكميل الغير وهم الأولياء، وإما أن يكون كاملاً ويقدر على تكميل الناقصين وهم الأنبياء ولذلك قال عليه السلام :