إذا عرفت هذا فنقول : قوله :﴿وَمَا لَنَا ألاّ نَتَوَكَّلَ عَلَى الله﴾ إشارة إلى ما كانت حاصلة لهم من كمالات نفوسهم، وقولهم في آخر الأمر، وعلى الله فليتوكل المتوكلون، إشارة إلى تأثير أرواحهم الكاملة في تكميل الأرواح الناقصة فهذه أسرار عالية مخزونة في ألفاظ القرآن، فمن نظر في علم القرآن وكان غافلاً عنها كان محروماً من أسرار علوم القرآن والله أعلم، وفي الآية وجه آخر وهو أن قوله :﴿وَمَا كَانَ لَنَا أَن نَّأْتِيَكُمْ بسلطان إِلاَّ بِإِذْنِ الله وَعلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ المؤمنون﴾ المراد منه أن الذين يطلبون سائر المعجزات وجب عليهم أن يتوكلوا في حصولها على الله تعالى لا عليها، فإن شاء أظهرها وإن شاء لم يظهرها.
وأما قوله في آخر الآية :﴿وَلَنَصْبِرَنَّ على مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ المتوكلون﴾ المراد منه الأمر بالتوكل على الله في دفع شر الناس الكفار وسفاهتهم، وعلى هذا التقدير فالتكرار غير حاصل لأن قوله :﴿وَعَلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ﴾ وارد في موضعين مختلفين بحسب مقصودين متغايرين، وقيل أيضاً : الأول : ذكر لاستحداث التوكل.
والثاني : للسعي في إبقائه وإدامته، والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٩ صـ ٧٢ ـ ٧٨﴾


الصفحة التالية
Icon