وقال أبو حيان :
﴿ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِى الله شَكٌّ ﴾
وقدر مضاف فقيل : أفي إلاهية الله.
وقيل : أفي وحدانيته، ثم نبههم على الوصف الذي يقتضي أنْ لا يقع فيه شك البتة وهو كونه منشىء العالم وموجده، فقال : فاطر السموات والأرض.
وفاطر صفة لله، ولا يضر الفصل بين الموصوف وصفته بمثل هذا المبتدأ، فيجوز أن تقول : في الدار زيد الحسنة، وإن كان أصل التركيب في الدار الحسنة زيد.
وقرأ زيد بن علي : فاطر نصباً على المدح، ولما ذكر أنه موجد العالم، ونبه على الوصف الذي لا يناسب أن يكون معه فيه شك ذكر ما هو عليه من اللطف بهم والإحسان إليهم فقال : يدعوكم ليغفر لكم أي : يدعوكم إلى الإيمان كما قال : إذ تدعون إلى الإيمان أو يدعوكم لأجل المغفرة، نحو : دعوته لينصرني.
وقال الشاعر :
دعوت لما نابني مسوراً...
فلبى فلبى يدي مسور
ومن ذنوبكم ذهب أبو عبيدة والأخفش إلى زيادة من أي : ليغفر لكم ذنوبكم.
وجمهور البصريين لا يجيز زيادتها في الواجب، ولا إذا جرت المعرفة، والتبعيض يصبح فيها إذ المغفور هو ما بينهم وبين الله، بخلاف ما بينهم وبين العباد من المظالم.
وبطريق آخر يصح التبعيض وهو أنّ الإسلام يجب ما قبله، ويبقى ما يستأنف بعد الإيمان من الذنوب مسكوتاً عنه، هو في المشيئة والوعد إنما هو بغفران ما تقدم، لا بغفران ما يستأنف.
وقال الزمخشري ما معناه : إنّ الاستقراء في الكافرين أنْ يأتي من ذنوبكم، وفي المؤمنين ذنوبكم، وكان ذلك للتفرقة بين الخطابين، ولأن لا يسوي بين الفريقين انتهى.
ويقال : ما فائدة الفرق في الخطاب والمعنى مشترك، إذ الكافر إذا آمن، والمؤمن إذا تاب مشتركان في الغفران وما تخليت فيه مغفرة بعض الذنوب في الكافر الذي آمن هو موجود في المؤمن الذي تاب.