وفي الآية كما قيل إشارة إلى دليل التمانع.
وجر ﴿ فَاطِرَ ﴾ على أنه بدل من الاسم الجليل أو صفة له.
وحيث كان ﴿ شَكٌّ ﴾ فاعلاً بالظرف وهو كالجزء من عامله لا يعد أجنبياً فليس هناك فصل بين التابع والمتبوع بأجنبي وبهذا رجحت الفاعلية على المبتدئية لأن المبتدأ ليس كذلك.
نعم إلى الابتدائية ذهب أبو حيان وقال : إنه لا يضر الفصل بين الموصوف وصفته بمثل هذا المبتدأ فيجوز أن تقول : في الدار زيد الحسنة وإن كان أصل التركيب في الدار الحسنة زيد.
وقرأ زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما ﴿ فَاطِرَ ﴾ نصباً على المدح.
ثم إنه بعد أن أشير إلى الدليل الدال على تحقق ما هم في شك منه نبه على عظم كرمه ورحمته تعالى فقيل :﴿ يَدْعُوكُمْ ﴾ أي إلى الإيمان بإرساله ايانا لا أنا ندعوكم إليه من تلقاء أنفسنا كما يوهم قولكم
﴿ مّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ ﴾ [ إبراهيم : ٩ ] ﴿ لِيَغْفِرَ لَكُمْ ﴾ بسببه، فالمدعو إليه غير المغفرة.
وتقدير الإيمان لقرينة ما سبق.
ويحتمل أن يكون المدعو إليه المغفرة لا لأن اللام بمعنى إلى فإنه من ضيق العطن بل لأن معنى الاختصاص ومعنى الانتهاء كلاهما واقعان في حاق الموقع فكأنه قيل : يدعوكم إلى المغفرة لأجلها لا لغرض آخر.
وحقيقته ان الأغراض غايات مقصودة تفيد معنى الانتهاء وزيادة قاله : في الكشف، وهذا نظير قوله :
دعوت لما نابني مسورا...
فلبي فلبى يدي مسور
﴿ مّن ذُنُوبِكُمْ ﴾ أي بعضها وهو ما عدا المظالم وحقوق العباد على ما قيل، وهو مبني على أن الإسلام إنما يرفع ما هو من حقوق الله تعالى الخالصة له دون غيره، والذي صححه المحدثون في شرح ما صح من قوله ﷺ :" إن الإسلام يهدم ما قبله " أنه يرفع ما قبله مطلقاً حتى المظالم وحقوق العباد، وأيد ذلك بظاهر قوله تعالى في آية أخرى :﴿ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾ [ الأحزاب : ٧١ ] بدون من، و﴿ مِنْ ﴾ هنا ذهب أبو عبيدة.


الصفحة التالية
Icon